للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشق الثاني: الاستعمار الذي نشأ مع عالم الحضارة الغربية وهو يستغل جمودها وسكونها لصالحه).

هذه المقدمة لكتاب (العفن) (Pourriture) التي تزامن شخها مع

تاريخ كتابه هي التي تفسر لماذا كتب بن نبي الجزء الثاني من كتابه (وجهة العالم الإسلامي)، في قريته في فرنسا (Luat) في ٥/ ١٢/ ١٩٥١. أي إن الجزء الثاني الذي تناول قضية اليهود كأحد طرق الكفاح ضد الاستعمار؛ جاء في إطار منهج وضعه بن نبي منذ البداية لمشروعه النهضوي رغم مصاعب الطريق، فهو لا يكتب كمستكشف ليخرج على جمهور القراء بمعلومات جديدة، بل ليعد ما استطاع من قوة المنهج والمنطق، في بناء جيل يستعيد للإنسانة حضارة الإسلام، إثر انهيار مرتقب للعالم الحديث، ومن هنا انصرف إلى كتابه، وقد بدأ يخطه في حماس إلى أن فرغ من إنجازه كما أرخ في ٢٢/ ١/ ١٩٥٢ وهو يوقع آخر صفحة فيه (١).


(١) نشير إلى ما كتب بالفرنسية في مذكرات الكاتب عام ١٩٥١؛ يتحدث عن قضائه الليلة الأخيرة من شهر رمضان في منزل عائلته في تبسة:
(في منتصف رمضان تركت فيليفيل إلى تبسة، كنت سعيدا إذ أمضيت آخر يوم من رمضان مع والدي وأختي عتيقة وابن عمي صلاح وجمع من الأصدقاء. في تبسة أصبحت تحت الرقابة الشديدة من البوليس. لذا لم أخرج من البيت طيلة النهار، وأمضيت في النادي السهر مع (سي صدوق وحشيشي ومختار) [أصدقاؤه]
وهذا الأخير آنس في وجهي إذ يحدثني علامات القلق. فمال إلي، وكنا جالسين وحدنا على مقعد في النادي، وقال لي:
سي مالك ... يجب أن تصبر وتتحمل، ساعدك الله، لا شك أنك متألم، إنما عليك المزيد من الصبر، إذ لو انهزمت وأنت في المقدمة تواجه بفكرك فماذا أصنع وأنا من عموم الشعب؟.
لقد أضافت كلمات مختار إلى متاعبي عبئا، ففي هذه اللحظات لم ألاق يأسا مظلما وبغير أفق كما لاقيته عام ١٩٥١، لكن رغم هذا الضغط من البوليس الذي أرهقني وأرهق أعصابي، فقد أحيت هذه الكلمات شعورا من المقاومة متجددا =

<<  <   >  >>