تبعية محور واشنطن - موسكو وهي (تمثل جغرافية الاستعمار)، وبدا ذلك خطابا أوليا عبر كتابه (الفكرة الإفريقية الآسيوية)، وهكذا في هجرته إلى القاهرة اعتبارا من عام ١٩٥٦ انصرفت دراساته إلى بناء المؤسسات الذي تجلى في كتابه (فكرة كومنولث إسلامي) عام ١٩٦٠، ثم (الصراع الفكري) عام ١٩٦٠ ثم (ميلاد مجتمع) عام ١٩٦١، و (مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي) الذي صدر عام ١٩٧٣ وكان قد وضع خطته كما أشار مقرونا بكتابه (الصرع الفكري) عام ١٩٦٠.
ولكي تأخذ هذه المؤسسات دورها كان الواجب يقتضي الوقوف عند حركة الاستعمار في الصراع الفكري الذي تقوده مراصد التوجيه الاستعماري في فكر أبناء القابلية للاستعمار. هنا تعرض في هذا الجانب (لمشكلة الأفكار) وفاعليتها في تنظيم اجتماعي يمنح الفرد طاقته الحضارية في بناء مجتمع له حضوره في المواقف والقرارات الدولية.
ذلك أن ظاهرة رفض (مصطلح القابلية للاستعمار) لم تقتصر على الطلاب الجزائريين والقراء عام ١٩٤٩، أي عام صدور كتابه (شروط النهضة)، بل إن من قراء كتابه وكتبه اللاحقة في مصر بعد ذلك من أعلن استنكاره لهذا المصطلح أيضا اعتبارا من منتصف الخمسينيات، ثم إن الكتاب الإسلاميين أبدوا تحفظات على طروحات بن نبي في هذا المجال، مسجلين بذلك اكتفائية على شاطئ بحر المشكلات التي يواجهها العالم الإسلامي في مسار العصر الحديث.
من هنا يبدو لنا - وهذا نقوله استنتاجا - أن بن نبي لم يشأ أن يطرح كتابه الجزء الثاني حول القضية اليهودية بالطريقة التي عالج فيها موضوعه في تتع أصول أوروبا وما وراء عصر النهضة؛ لأنه سيثير جدلا سجاليا
في عالمنا العربي، وربما بتحريض السر الخفي يصرف عن جوهر خطة بن