الاهتمام الذي تمر به سياستنا في هذا العصر كما تجاوز ما نحلم به ونتطلع إليه، أو ما تحققه مقاربتنا العقلية المنطقية، أعني ثقافتنا الأكثر اهتماما بماضينا المجيد من مستقبلنا غير الأكيد.
فالاتجاهات التي أشرت إليها للتطور الإسلامي إنما كانت لمجرد التذكير بها في ضوء الأحداث الجارية.
فالعالم الإسلامي اليوم يواجه، بدون شك، وببطولة وحيوية، وأحيانا بجرأة كبيرة، الاستعمار حيث تلقى هذا الأخير في هذا العام الجاري، عام (١٩٥١)، ضربات قوية ومفاجئة من مصدق والنحاس باشا في الشرق، كما قامت الأحزاب الوطنية في شمال إفريقية بضربات مماثلة، لكن لا نكاد نلمس قضية في هذه السياسة لها اتصال بالجانب الآخر من المشكلة وهي القابلية للاستعمار.
ففي شباط/ فبراير الماضي أبرزت الحوادث في المغرب الطابع الدراماتيكي للموقف البطولي لجلالة ملك المغرب سيدي محمد بن يوسف، لكنه من ناحية أخرى كان محاطا في قصره بالآلاف من رعيته الذين يحركهم الخارج، وتبدو هذه الانتصارات على الاستعمار وفي معيار معين كأنما هي انتصار على القابلية للاستعمار في ظاهرها، وهذا الجانب من الانتصارات يظل في اللاوعي حين يغيب عنها وعيها في نتائجها. مع تطور إدراكنا للمشكلة فالمطلوب إذن أن تصبح هذه الانتصارات في صافي الوعي ليروها انتصارا على مشكلة خاصة جديرة بالمعالجة.
فإذا افترضنا أن العالم الإسلامي، بحكم مسراه المستقبلي، وبغير وعي خاص للمشكلة، لم يعد فعلا (قابلا للاستعمار)، فذلك أمر هام لكنه دون أن يدري، وقد تجاوز المرض، وأصبح في دور النقاهة الأكثر حساسية لمدى الخروج من مرض قاتل، وهنا عليه أن يقيس دائما، وبكل