للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اهتمام، درجة تحسنه وصولا إلى الشفاء التام حتى لا يقع في انعكاسات خطيرة.

فالانتصارات حين تأتي بحكم المصادفة تجعلنا سعداء حين يزايلنا المرض في شفاء مفاجئ، لكن القارئ يفهم بالتأكيد مدى الغموض في هذه النتائج حين توفرها مصادفة غير مؤكدة وطارئة، أي غير محصنة بمراجعة منهجية لأسباب المرض في مرحلته الاجتماعية.

فالعفوية والتجريبية والعاطفة النبيلة والغضب المقدس؛ ذلك كله, هو طابع السياسة الإسلامية اليوم، كالغضب الذي يبديه مصدق ضد احتلال عبادان، والنحاس باشا ضد احتلال السويس.

وقد تشفى أمراض بأعجوبة عقب غضب كهذا، ولكن متى؟ وكيف؟ هذه مشكلات لا تفرضها التجريبية كما لا تطرحها كمشكلة.

فالعالم الإسلامي سوف يشفى مع الزمن - بدون شك - من قابلية الاستعمار، وغضبته الحاضرة ضد الاستعمار ستساعده بالتأكيد، ولكن كيف؟ ومتى سيشفى؟. إذا لم يبن على وعي منهجي له مقدماته ونتائجه.

أعتقد أن المشكلة طرحت لأول مرة في دراسة نشرتها منذ ثلاثة أعوام تحت عنوان (شروط النهضة)، لكن هذه الدراسة أتاحت لي أن أعتبر بلدي لا يعي مطلقا مرضه حين أعلن عن استنكاره لأنني قلت على وجه التحديد: كي نتخلص من الاستعمار يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار.

فالرفض الذي ظهر من أبناء بلدي أتاح بصورة طبيعية لجانب الميكافيلية الإدارية الاستعمارية دورها حين تحرض مستعينة بغطاء الوطنية، وذلك ما أكد لي أن الجانب العاطفي يقضي على الجانب العقلي في فكر كثير من المسلمين (وهنا أتحدث عن أولئك الذين فوجئوا

<<  <   >  >>