للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم ما أستحق؛ فأنا في أعينهم لا أسب استعمارهم بل أقتله وهو داخل البيضة، أخنقه في جذوره التي تمتد في مساحة القابلية للاستعمار.

في بداية مهمتي منذ عشرين سنة لم يكن في حسابي بكل تأكيد أن تمنحني الإدارة الاستعمارية المساعدة لأحاربها، لذا لم أضع في الحساب سوى هؤلاء الذين هم إخوتي، أولئك الذين اتخذوا في محاربة الاستعمار مهنتهم أمام الجمهور. هؤلاء رفضوا كل مساعدة لي، بل على العكس حاربوني بالأسلحة نفسها التي تحاربني بها الإدارة الاستعمارية، وهذه ليست سوى إشارة لها دلالتها، ومع ذلك فالحكم على فكرتي وجهدي وعملي موقع علنا بمئة من مواطني ومئة من العلماء ومئة من منقذي البلاد.

فالاستعمار كثير الحذر من الأفكار، ويعرف مدى قوة الفكرة حينما يواجه خططه بالقوة، لكن القلق لا يعتريه ما دامت القابلية للاستعمار هي نفسها تعمل في ظروف مماثلة، فمع ظهور كتاب (شروط النهضة) لم تقم الإدارة بمصادرة الكتاب، بل منعت كتابا آخر ظهر في الوقت نفسه وكان للناشر نفسه الذي نشر كتابي. لقد كان ذلك تفريقا في المعاملة بين الكتابين له دلالته، لأن جمعية الطلبة في الجزائر تولت هي المهمة حين حكمت على كتابي وطنيا عبر بيان منفصل نشر في الصحافة التقدمية، أما جمعية العلماء في الجزائر فقامت من جهتها بالتقليل من قيمة الكتاب. وهكذا أصبحت الإدارة تربح الجولة بغير تعب، ومن جهة أخرى فالكاتب خسر المعركة بغير سلاح، ولكن ...

هكذا في بضع كلمات (حيث أنا في هذا العام ١٩٥١، وبالرغم مما ألحقت بعائلتي من مأساة، أراني أضع حلا للمأساة العالمية التي سوف تظهر عقب الحرب العالمية الثالثة القادمة إذ بين المأساتين علالا أكيدة).

ففي حياة تتخذ من الواقع طابعا استراتيجيا فإن المشكلات فيها تأخذ

<<  <   >  >>