للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناقصا. ففي هذا اليوم مثلا هناك محادثات تدور في باريس بين ممثلين تونسيين والحكومة الفرنسية. وإذ الصحف - كصحيفة الجمهورية الجزائرية - (تسرد الحديث) فإنها تنشره كما يلي: (النقاش يجري في المحادثات، وبعض أعضاء الحكومة الفرنسية منفتحون نحو حل بالطرق الدبلوماسية، بينما الوزير رينه ماير يبدو وكأنما يضبط لجام المحادثات لأنه إلى جانب الحل المتشدد).

هكذا نجد أنفسنا أمام إعلام لا يفي بإعطاء فكرة شاملة عن الموضوع؛

فالصحفي هنا يروي المفاوضات وليس لديه المعيار العام لتقويم ما يجري، بل يكتفي بالجانب البسيط من المناقشة. ثم الصحفي نفسه وهو يروي مقتل لياقت علي خان الرئيس الأول لدولة باكستان سوف يعتمد على تقارير السلطات الغربية بالقول إن الحادث غير إجرامي، فهنا نحن أمام تفسير غير صحيح لكنه يعبر تماما عن واقع نخبتنا الذين يجهلون ما يستبطن الظاهر من عالمنا الحضاري الراهن.

فلو أن قليلا من إدراك بعض نخبتنا لهذا الغور من خفي ما تبدي الأحداث، فإن موت لياقت علي خان هو على العكس من ذلك خسارة قاسية للقوى الغربية وبالخصوص بريطانيا.

وحينما تقوم الحكومة الإيرانية باحتلال شركة الأنكلو أوبل كومباني (١) تبدي صحافتنا الدهشة؛ لأن الوثائق تثبت أن علاقات الشركة بإسرائيل في حدودها الضيقة.

فهذه الدهشة تثبت أن نخبتنا لا تعرف أن الأنكلو إيرانيان ليست مملوكة في الواقع من بريطانيا بل من إسرائيل كما سوف يفهم من الصفحات التالية.


(١) في عهد مصدق عام ١٩٥١.

<<  <   >  >>