المسيحية، وعبر هذه الإرادة نجد أنفسنا وقد تلاقى الطريقان وتطابقا بإحكام: طريق الدياسبورا اليهودية وطريق الفكر المسيحي.
لكن هذا الاتجاه في ظاهره يبدو غير مفهوم، ولذا يطرح سؤالا هاما يتعلق بالرسالة الكهنوتية (ووصية السيد المسيح: هلموا تلمذوا الأمم). فلماذا لم يشأ القديس بولس إذن أن يدعو ويتلمذ الأمم في الشرق؟ ليس لهذا السؤال تفسير تاريخي سوى تفسير واحد لا علاقة له بتكون المسيحية (sa genèse) بل بالمحطة التاريخية لنهاية هذا المسار الذي اتجه إليه القديس بولس، وأنهى أن تكون أوربا هي مهد رسالته الكهنوتية والتي عبرها أصبحت روما مسيحية.
وإذا اعتبرنا العصر الحديثه نتيجة سببية لنشوء أوربا، أو هي مهد نشأته، فإن أوربا في ولادة هذا العصر، لم تكن كما وجدها اليهود قبل
ألفي عام، حين كانت في حالة تخلق ونشوء أولي، بل كانت في كامل
حضورها كما هي اليوم.
وال ذي شذ عن النظر الدقيق هو أن أوروبا اليوم في حيويتها الثقافية والسياسية والمادية تدور حول مركزية اليهود.
فهناك حركة مفصلية أساسية تشكل رافعة دافعة ترسل أو تمسك بالحركة لتسير كما ينبغي وبالاتجاه الذي يجب، فتأثير اليهود في الحضارة
الأوروبية هو الأكثر بروزا في عملها وسماتها: إنهم عقلها وروحها. ففي البلاد الأوروبية نرى الأسماء الأكثر بروزا هي لليهود في ميادين:
البنوك والتجارة والصناعة والمسرح والصحافة والأدب. فسائر النجوم الوطنية البارزة للبلاد هم - بما لا يقبل الجدل - إما
يهود أو متحدرون من أصل يهودي.
فمن الفرنسي الذي لديه قليل من الثقافة لا يعرف برغسون المفكر