قرطاجة، فثمة طرق جانبية خفية تفضي إلى الدوافع الحقيقية. فهناك بعبارة أخرى جانب غامض للأشياء في خفي سر هذا التاريخ.
فما قبل الأحداث الكبيرة، أي قبل ألفي عام، ينبغي النظر إلى التأثير اليهودي، كما يقال اليوم، على مؤسسات الإمبراطورية الرومانية، لكن التاريخ لا يملك أي معطى يعتمد عليه في هذا التأثير الذي مر دون أي اهتمام إلى حد القول بأنه غير موجود، ولأن التاريخ يدون دائما وكما في كل عصر الارتكابات الكبيرة لليهود، وبعض فضائح السياسة المالية، كما يجري في العصر الحديث، لكن حينما يكون الأمر تحت إرادة اليهود فإن الفضائح لا يجهر أمرها في حينها بل تتسرب إلينا بعد حين عبر قناة التاريخ، كما يقال، أو على الأقل مع التاريخ الأدبي لروما (في القصص والحكايات).
هكذا بدأ التأثير اليهودي الكبير في حياة الرومان؛ يتسرب من خلال مصادفات المواقف والحدة والانفعال في نبرات شيشرون في مرافعته الشهيرة (ProFlaco) حينما يوجهها نحو خصمه (J. flaviers) (وهو
يهودي روماني).
وهكذا أضحت المداولة رغم بلاغة شيشرون خاضعة للتأثير اليهودي في موقف الحاكم (Prétoire) ، وبدا من ذلك كله أن اليهود يحتلون في الإمبراطورية مركزا مسيطرا.
لكن مركزا كهذا حين لا يشير إليه التاريخ الروماني لا يفاجئنا. فالتاريخ الخاص بعالمنا هو أيضا لا يحلل أبعاد ما كان يجري حينما يكون العصر مهددا فعلا، وهذا الصمت العام للتاريخ يبدو في جانب آخر نقطة مركزية، لأنه يورث غموضا ليقوم بتحليله من يأتي بعده ويكشف عن معطيات مؤكدة لجيل قادم ينطلق منها لبناء عالمه الخاص به.