النداء، في عموميتها إلى الشعب الهولندي، فقد وجه الكنيس بيانه كمرجع وطني باعتبار القضية تتعلق بالشعب في عمومه. وأعتقد أن القارئ لهذه السطور سيجد في هذا الإعلان السند الوحيد الحقيقي الذي يضيء فجأة المشكلة الاستعمارية بكل عمقها. فالنداء كان يهدف بصورة مؤكدة أن يعمد اليهود لإعطاء الحياة الأوروبية بأكملها صبغة أفكارهم ومؤسساتهم، ومن ثم فهم لا يستطيعون أن يجعلوا عملهم وكأنما هم غرباء عن الظاهرة الأساسية لتاريخ أوروبا الاستعماري.
لكن من أجل الإمساك جيدا بهذه الظاهرة يجب أن يتلاءم ذلك كله مع تاريخ إسرائيل الذي يفسر باستراتيجية في خفي حركته أكثر من ظاهر تاريخ أوروبا. وهكذا تبدو أطروحته وكأنما هي مجرد عمل اقتصادي ظاهر في مرحلة من تطور الرأسمالية في العصر الحديث.
هذه الصور من تاريخ أوروبا نستخرجها من خفيها لكي نفسرها، وعلينا أن نعريها مؤقتا من النزعة الاستعمارية لتكشف الطابع الأساسي وهو معرفة الطابع الروحي.
إنني أعرف ردة الفعل المفاجئة لدى مؤرخي الظاهرة إذا تحدثنا عن الطابع الروحي لهذه الأطروحة، فيما المؤرخون على طريقة (Maurras) لا يرون من الرأسمالية شيئا آخر سوى المادة؛ أي ذلك الذي له رنينه إذا
ألقي على الأرض.
فالرأسمال هو بكل حال التعبير المادي المسلموس لسيطرة اليهود على العالم، وإذا نحن تحدثنا عن رأس المال كإرادة وتفكير فإننا نتحدث عن روح في وحدة أدائه، ومن ثم فليس من نشاز السمع الحديث عن الجانب الروحي للرأسمالية في حياتها الداخلية ما دامت هي تفكر. والأمر نفسه الحديث عن روح الطروحات الاقتصادية التي يعطيها الاستعمار كل التفسير بظاهرها.