تدور حركته عبر الكتب والصحف والسينما والراديو التي هي بأيدي اليهود
أو الذين يسيرون بأوامرهم.
لقد فهم منذ ذلك الوقت أن شعورا ما تولد في عقلية هذا اليهودي الذي أصبح شيئا فشيئا المعلم والمرجع في أوروبا. وهكذا ذهب يأخذ دوره في استلام شعلة الحضارة عقب سقوط الحضارة الإسلامية.
فأوروبا التي استلمت شعلة الحضارة بعد سقوط الحضارة الإسلامية لم يعطها التاريخ الضوء الكافي، لكنها مع ذلك أخذت في معناها وضوحا أكبر في مجرى الأحداث التالية. فمن المعلوم أن القارة المغولية مع جنكيز خان كانت الكارثة الأولى التي أصيبت بها الحضارة الإسلامية، ومن المعلوم بالإضافة إلى ذلك أن هذه الكارثة قد سبقها وفد مسيحي مقيم في (OuJang Bate) هي عاصمة (١) (Horde d'or)، ومن المؤكد أن المؤرخين على طريقة (Maurras) الذين اعتمدوا الوثائق المتداولة التي ركزت على حالة تاريخية مماثلة تضمنتها هذه الوثائق، ولأننا ننظر إليها من زاوية غموض معناها البعيد، نرى أنها ليست وثائق تاريخية فحسب، بل هي الحقيقة التي يهمنا الوقوف عندها. وهذه الحقيقة لا يقدمها ما هو مدون في الوثائق فقط، إذ من خلال التحليل الداخلي لها؛ فالمسيحية كانت في ذلك الزمن مشغولة بانقساماتها الداخلية، والكنيسة الرومانية والبيزنطية في خصام كل منهما بوجه الآخر في العداوة والجدل اللاهوتي، ولم تكونا مهتمتين بالمشكلات العالمية. كما لو افترضنا إرسال بعثة إسلامية تنتمي إلى عصر ما بعد الموحدين إلى كوكب المريخ لتحضير غزو أمريكا، فإنني أرى هذه الوثائق حتى لو أثبتت تاريخها، أن حقيقتها لها مجال آخر ينفي هذا الافتراض؛ لأن معطيات مجتمع ما بعد
(١) Horde d'or اسم الإمبراطورية التي أقامها المنغول من سهول روسيا إلى الكوكاز من القرن الرابع عشر إلى القرن الخامس عشر Oulang Bate عاصمة منغوليا.