المعطيات التي لها معناها في الجواب عن هذا السؤال لكن في جلسات محاكمة نومبرغ أتيح لنا أن نستمع إلى هذا الجواب من ناحية أخرى إذ صرح (فون روبرتروب) وزير الخارجية: (لقد خسرنا الحرب لأننا لم
نعلن حربا وطنية بل حربا أوروبية).
فالسؤال إذن طرح طبق معيار نفسي: هو الإطار المعنوي الذي أثار حركة الفكرة الهتلرية. وهتلر هو الذي أثار لأول مرة في تاريخ أوروبا المشكلة اليهودية. إذ إنه فتح المجال لكل ما له طابع يهودي انطبع في الحضارة الحديثة. لكن ذلك لم يجده نفعا لأن الألمان ارتكبوا خطأين كلفاهم خسارة محققة للحرب وذلك بسبب تأثير الفكر اليهودي نفسه الذي يقود لا شعوريا قراراته الكبرى في قيادة الحرب.
في الواقع فإن أساس العقيدة الهتلرية، وهي خلاصة سائر الفلسفة الألمانية للرايخ الثالث، لم تكن سوى أسطورة العنصرية في نتيجتها المزدوجة: الأوروبية (L'europeanisme) ثم النزعة الاستعمارية المنبعثة من جديد والمسماة: (أوروافريك) كهدف وحيد.
هذان المفهومان (ويرى فيهما الخلاصة اليهودية التي تختصر كل تاريخ الدياسبورا) هما بكل دقة أساس للقرار العسكري في حزيران/ يونيو ١٩٤٠.
في الواقع فإن الفكرة الأوروبيانية في الأساس تتعارض بصيغتها مع احتلال بريطانيا، ما دام أن هتلر يأمل تحقيقا لمفهوم الوطن في وحدة أوروبا، وهذه كانت مهمة (هس)(إحدى الشخصيات الرئيسية للوطنية -الاشتراكية) التي شرحها في ربيع ١٩٤١ حين أجرى اتصالا سريعا مع إنكلترا فاجأ به العالم، وعلى ضوء ذلك انتهت بأن لزم كل من بريطانيا وألمانيا الصمت.