للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٩٧- وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي القَتْلَ وَالمَوْتَ مَظَانَّهُ أَوْ رَجُلٌ في غُنَيْمَةٍ في رَأسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذَا الشَّعَفِ، أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِن الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤتي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأتِيَهُ اليَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ في خَيْرٍ" رواه مسلم (١) .

ــ

١٢٩٧- (وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من خير معاش) أي: ما يعيش به (الناس لهم) الظرف الأول في محل الخبر لقوله (رجل ممسك بعنان فرسه) على تقدير مضاف أي: معاش رجل، والعنان بكسر المهملة وتخفيف النون بينهما ألف، اللجام. قال في المصباح: سمي بذلك لأنه يعن أي: يعترض الفم فلا يلجه، والظرف الثاني في محل الحال من الاستقرار في الأول (في سبيل الله) حال من ضمير ممسك (يطير) بفتح التحتية الأولى وسكون الثانية أي: يسرع (على متنه) بفتح فسكون للفوقية وبعدها نون أي: ظهره (كلما سمع هيعة) بنصب كل على الظرفية لطار المذكور بعد، والهيعة بفتح فسكون التحتية بعدها عين مهملة، هي الصوت للحرب (أو) للشك من الراوي (فزعة) قال المصنف: فيما تقدم هي نحو الهيعة (طار على متنه) وقوله: (يبتغي) أي: يطلب بإسراعه لذلك (القتل أو الموت) شك من الراوي، أي: في اللفظين الواردين، وعلى الثاني ففيه إيماء لفضل الموت في الحرب، ولو بغير القتل فبه أولى (مظانه) بفتح الميم والظاء المعجمة، وتشديد النون منصوب على الظرفية، أي: يطلبه في المحل الذي يظن وجوده فيه طلباً لمرضاة الله سبحانه وتعالى (ورجل) معطوف على المبتدأ بتقدير المضاف (في غنيمة) صفة لما قبله، أو متعلق بمعاش المقدّر إن جعل مصدراً، وهو تصغير غنم، وهي مؤنث معنوي فلذا برزت التاء في ْالتصغير (في رأس شعفة) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة وبالفاء فالهاء (من هذه الشعف) في محل الصفة للمجرور قبله، أي: في أعلا جبلِ من هذه الجبال (أو) للتنويع في بطن واد من هذه الأودية) وذلك لتيسر الخلوة فيهما غالباً، وقوله: (يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة ويعبد ربه) هو من عطف العام على الخاص (حتى يأتيه اليقين) أي: الموت جمل في محل الحال من الاستقرار في الظرف الوصفي (ليس من الناس) أي: من أحوالهم في حال من الأحوال (إلا في) حال (خير) فهو استثناء متصل مما قبله باعتبار المضاف المقدر (رواه مسلم) وتقدم مشروحاً في باب استحباب العزلة عند فساد الزمان.


(١) أخرجه مسلم في كتاب: الإِمارة، باب: فضل الجهاد والرباط، (الحديث: ١٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>