الفارابي فقال: بعثه: أي أهبه وبعث به وجهه (في حاجة) التنوين فيه يحتمل كونه للتعظيم أو للتحقير ففيه على الأول مزيد نباهة أنس إذ أهل للإرسال لذلك (فأبطأت) أي طالت مدة غيبتي (على أمي فلما جئت قالت: ما حبسك؟) من باب ضرب: أي منعك؟ (قلت: بعثني رسول الله لحاجة) أي لأجلها وتجمع على حوائج وهو جمع على غير القياس، وذكر الأصمعي أنه مولد، وحق جمعه حاجات وحاج وقال أبو عبيد الهروي: قيل أصل حاجة حائجة فيصح جمعه على حوائج كذا في الفتح (فقالت ما حاجته؟) سؤال عن تعينها (قلت إنها سرّ) في المصباح: السرّ هو ما يكتم، وهو خلاف الإعلان: أي فلا يظهر للغير (قالت لا تخبرنّ) بتشديد النون مبالغة في تأكيد النهي عن إفشائه فإن زيادة المبني تدل على زيادة المعنى (بسرّ رسول الله أحداً) من ألفاظ العموم لكونه في سياق النفي (قال أنس) منبهاً لثابت على مكانته عنده ومحبته له (والله لو حدثت به أحداً) كائناً من كان كما يشعر به سوقه في حيز الشرط (لحدثتك به يا ثابت) ففيه عظيم لطف أنس وصدق أمانته ووفائه بالعهد (رواه مسلم) في الفضائل (وروى البخاري بعضه مختصراً) أي في باب الأدب من «صحيحه» من غير طريق ثابت بلفظ «أسرّ النبيّ سرّا فما أخبرت به أحداً بعده، ولقد سألتني أم سليم فما
أخبرتها به» .
٨٦ - باب الوفاء بالعهد
أي إذا عاهد على أمر (وإنجاز الوعد) .
(قال الله تعالى) : ( {وأوفوا بالعهد} ) الذي تعاهدون عليه الناس والعقود التي تعاطونهم أو بما عهد الله من تكاليفه ( {إن العهد كان مسئولاً} ) أي