قال السيد في كتاب «تعريفات العلوم» : اليقين في اللغة: العلم الذي لا شك معه. وفي الاصطلاح: اعتقاد الشيء أنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا، وهو مطابق للواقع غير ممكن الزوال. وعند أهل الحقيقة رؤية العيان بقوة الإيمان لا بالحجة والبيان، وقيل: مشاهدة الغيوب بصفاء القلوب وملاحظة الأسرار بمحافظة الأفكار (والتوكل) عرفه الشيخ العارف با أبو مدين بقوله في حكمه: التوكل وثوقك بالمضمون استبدالك الحركة بالسكون. وعرّفه غيره بقوله: اعتمادك على مولاك ورجوعك إليه، وخروجك عن حولك وقوّتك وانطراحك بين يديه. وقيل: اكتفاؤك بعلم الله فيك عن تعلق القلب بسواه، ورجوعك في كل الأمور إلىالله.
عباراتنا شتى وحسنك واحد
وكل إلى ذاك الجمال يشير
كذا في «شرح الحكم» المذكورة لعمي الشيخ العارف با أحمدبن علان الصديقي. وفي «شرح مسلم» للمصنف، اختلفت عبارات السلف والخلف في حقيقة التوكل، فحكى الإمام أبو جعفر الطبري وغيره عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يستحق اسم التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله من سبع أو عدوّ حتى لا يطلب الرزق ثقة بضمان الله رزقه. وقالت طائفة: هو الثقة با والإيقان بأن قضاءه نافذ، واتباع سنة نبيه والسعي فيما لا بد منه من مطعم ومشرب، والتحرّز من العدوّ كما فعله الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
قال القاضي عياض: وهذا المذهب هو اختيار الطبري وعامة الفقهاء، والأول مذهب بعض المتصوفة وأصحاب علم القلوب والإشارات. وذهب المحققون منهم إلى نحو