للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩ - باب في التفكر

أي إجالة الفكر (في عظيم مخلوقات الله تعالى) كالعرش والكرسي والسماء والأرض، ففي الحديث: «ما السماء والأرض وما بينهما في العرش إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض» وعظم المخلوق يدل على كمال الخالق وعظمته (و) التفكر في (فناء الدنيا) واضمحلالها وتلاشي أمرها، قال تعالى: {واضرب لهم مثل الحيوة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذره الرياح} (الكهف: ٤٥) ليبعثه ذلك على الزهد فيها والإعراض عن غرورها والإقبال على الآخرة، ففي الحديث: «كونوا أبناء الآخرة ولا تكونوا أبناء الدنيا» فإن رفع الله قدره وخلصه عن السوى وخصصه بالتخلص للمولى فتلك الغاية القصوى (و) التفكر في (أهوال الآخرة) وشدائدها كما قال تعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى} (الحج: ٢) وقال تعالى: {يوماً يجعل الولدان شيباً} (المزمل: ١٧) ليبعثه ذلك على التقوى وطاعة المولى فينجو من كرب الدارين ويجزى بالإحسان قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} (الرحمن: ٦) (وسائر أمورهما) أي أمور الدنيا وأنها جميعها ثانية، وأهوال الآخرة وأنها شديدة (وتقصير) أمل (النفس) بذكر الموت (وتهذيبها) من الأخلاق السيئة بتذكر أهوال الآخرة وشدة عقابها (وحملها على الاستقامة) بتذكر النفس وما ورد من الوعد الصادق في الطاعة من الثواب بمحض الفضل، وعلى المعصية من العقاب بطريق العدل، وهذا إنما يبلغه العبد بتأييد الله سبحانه وتعالى وتوفيقه لاتباع الكتاب والسنة، فإن ظفر

بشيخ مرشد مربّ موصل للمريد إلى طريق الحق بتهذيب النفس من رعونتها وتحليتها بأنواع العبادات فذلك أعلى، وإلا فما لا يدرك كله لا يترك كله، (قال تعالى) : {قل إنما أعظكم بواحدة} ) هي ( {أن تقوموا} )

<<  <  ج: ص:  >  >>