للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة أحاديث (قال: قال رسول الله: لا يبلغ العبد) أي لا يصل (أن يكون من المتقين) أي من الموصوفين بكمال التقوى، فإن المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل (حتى يدع) أي يترك خشية من الله (ما لا بأس به) أي بظاهر الفتوى أو مطلقاً (حذراً) بفتح أوليه مفعول مطلق لفعل هو وفاعله في محل الحال: أي حال كونه يحذر حذراً. أو مفعول له (لما) أي للذي (به بأس) وهذا من باب قوله «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام» (رواه الترمذي) في الزهد من «جامعه» (وقال: حديث حسن) غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ورواه ابن ماجه في الزهد من «سننه» أيضاً، والحاكم في «مستدركه» ، والله أعلم.

٦٩ - باب استحباب العزلة

بضم المهلة وسكون الزاي اسم مصدر اعتزله وتعزله: أي تجنبه كما في «الصحاح» ، قال: ويقال العزلة عبادة (عند فساد الزمان) أي تغيره بحسب ما يظهره الله فيه من فساد بعد صلاح أهله كأن يبدو الرياء والكذب بعد الصدق والخيانة بعد الأمانة وهكذا (أو) عند (الخوف) أي الخشية (من فتنة) أي محنة (في الدين) بسبب الدين التي تنشأ عن الاجتماع به كأن يداهنهم على محرّم أو يرى منهم منكراً أو يقرهم عليه أو نحو ذلك أي وإن لم يكن ذلك من فساد الزمان وإنما ذلك ناشىء عن اجتماع مخصوص له (ووقوع في حرام وشبهات ونحوها) معطوفة على محنة من عطف الخاص على العام، وكون الوقوع في الشبه من المحنة في الدين إما باعتبار كونها حراماً في نفس الأمر، وأن الوقوع فيها يجرّ إلى الوقوع فيه كما تقدم في قوله «ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام» وفهم من الترجمة فضل الخلطة عند الأمن من ذلك. قال المصنف: المختار تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنه وقوع المخالفة بسببها، فإن أشكل فالعزلة أولى، وسيأتي فيه مزيد في الباب بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>