بإسكان الدال المهملة، قيل إنه بمعنى مفتوحها لأنها التي فيها يفرق كل أمر حكيم ويقدر على الأصح، وقيل إنه بمعنى الشرف، فقيل لشرف قدرها عند الله تعالى، وقيل لأن من لا شرف له إذا صادفها فقامها صار ذا قدر وشرف، وقيل غير ذلك مما بينته في سطوع البدر في فضل ليلة القدر (وبيان أرجى لياليها) أي ليالي رمضان لها. واختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً، ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن الأصح منها أنها باقية وفي كل رمضان، وأنها تلزم ليلة بعينها من العشر الأخير، واختير القول بانتقالها فتكون تارة في الحادية والعشرين وتارة أخرى في أخرى من العشر الأخير، قال المصنف: وبه يجمع بين الأخبار ويرتفع التعارض عنها.
(قال الله تعالى) : ( {إنا أنزلناه} ) أي القرآن المدلول عليه بقرينة المقام ( {في ليلة القدر} ) بإنزاله فيها جملة نم اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بعد بحسب الوقائع ( {وما أدراك ما ليلة القدر} ) تعظيم لشأنها ( {ليلة القدر خير من ألف شهر} ) أي من ألف شهر ليس فيها ليلة قدر: أي العمل في تلك الليلة أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها تلك الليلة. نزلت هذه الآية حين ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب أصحابه من ذلك وتقاصرت إليهم أعمالهم، فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي. والأصح أنها من خصائص هذه الأمة ( {تنزل} ) أي تتنزل ( {الملائكة والروح} ) أي جبريل أو ضرب من الملائكة ( {فيها بإذن ربهم} ) مع نزول البركة والرحمة، قال «الملائكة في الأرض تلك الليلة أكثر من عدد الحصى» وعن كعب الأحبار: لا تبقى بقعة إلا وعليها ملك يدعو للمؤمنين والمؤمنات سوى كنيسة أو بيت نار أو وثن أو موضع فيه النجاسة أو السكران أو الجرس، وجبريل لا يدع أحداً إلا صافحه، فمن اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه فمن أثر مصافحته ( {من كل أمر} ) أي لأجل كل أمر قدر في تلك السنة ( {سلام هي} ) ليس هي إلا سلامة لا يقدر فيها شر وبلاء، أو لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً. أو ما هي إلا سلام لكثرة تسليم الملائكة فيها على أهل المساجد. وعن مجاهد سلام هي من كل خطر ( {حتى مطلع الفجر} ) غاية