للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غنى لي عن بركتك) أي أغنيتني عنه من سائر الجهاد من حيث إنه مال، وأنا لا آخذه كذلك شرهاً وحرصاً، ولكن لكونه بركة، وفيها وجوه: فقيل لأنه قريب عهد بتكوين من الله تعالى كما حسر نبينا عن جلده حين نزل عليه المطر وقال: إنه حديث عهد بربه: أي بتكوينه. وقيل: لأنه نعمة جديدة خارقة للعادة فينبغي تلقيها بالقبول، ففي ذلك منه شكر لها وتعظيم لشأنها وفي الإعراض عنها كفر بها، وقريب منه حديث: «إن الله يحب أن تأتى رخصه كما تؤتى عزائمه» وقيل: إن هذا آية ومعجزة وكل ما نشأ عنها فهو بركة، ومن ذلك قول الصحابة: كنا نعد الآيات بركة، وقيل: غير ذلك (رواه البخاري) في كتاب الأنبياء من «صحيحه» .

٦٤ - باب فضل الغني الشاكر

أي ما جاء في ذلك، والشاكر: هو القائم بما أمر الله تعالى به في المال فعلاً وتركاً كما قال المصنف: (وهو من أخذ المال من وجهه) أي طريقه المأذون بأخذه منه شرعاً كالمعاوضة المستجمعة لشروط الصحة السالمة من غش وخديعة، وكالإرث والوصية والاكتسابات المأذون فيها من احتطاب ونحوه (وصرفه) الأولى وإنفاقه لقوله: (في وجوهه) أي طرقه (المأمور بها) شرعاً واجباً عينياً كأداء الزكوات والكفارات والنذور، أو كفائياً كالقيام بحاجة المحتاج من طعام وكسوة، أو مندوباً كالتطوعات.

(قال الله تعالى) : ( {فأما من أعطى} ) أي أنفق ماله لوجه الله ( {واتقى} ) محارمه ( {وصدق بالحسنى} ) المجازاة وأيقن أن الله سيخلفه عليه، أو بالكلمة الحسنى وهي كلمة التوحيد ( {فسنيسره} ) نهيئه في الدنيا ( {لليسرى} ) للخلة التي توصله إلى اليسرى والزلفى في الدار الآخرة يعني الأعمال الصالحة والآية بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>