للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الله أحد} ولعلها خصت به لاختصاصها بصفاته تعالى دون غيرها (فأنا أحبّ) تقديم المبتدأ للتأكيد لتكرار الإسناد وللاهتمام (أن أقرأ بها) أي محبة للدالّ على صفته تعالى (فقال رسول الله) لمن أخبره عنه بمراده أو لغيره من بعض الحاضرين (أخبروه) على وجه البشارة (أن الله يحبه) قال الدماميني: يحتمل أن يريد لمحبته قراءة هذه السورة، ويحتمل أن يكون لما يشهد به كلامه في محبته لذكر الربّ واعتقاده اهـ. وقد دلّ تبشيره بذلك على الرضا بفعله وعبر عنه بصيغة المضارع إيذاناً بدوام هذا الشأن واستمراره، قال ناصر الدين بن المنير، وفي الحديث أن المقاصد بغير أحكام الفعل، لأن الرجل لو قال، إن الحامل له على إعادتها أمر غير ما ذكره لأجابه بما يناسبه، فلما ذكر أن الداعي لذلك محبتها وظهرت صحة قصده لذلك صوّبه وقال: فيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس والاستكثار منه، ولا يعدّ ذلك هجراناً للبعض (متفق عليه) أخرجه البخاري في التوحيد، ومسلم في الصلاة ورواه النسائي في كتاب الصلاة أيضاً وفي اليوم والليلة، قاله الحافظ المزي.

٣٣٨٨ - (وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً) قيل هو كلثوم بن الهدم بكسر الهاء وسكون الدال المهملة، وفيه نظر بأنه مات في أول قدوم النبي المدينة فيما ذكره الطبري وأصحاب المغازي قبل أن يبعث السرايا، وهذا قالت فيه عائشة إنه بعث (على سرية) بفتح أوله وتشديد التحتية، وهي القطعة من الجيش فعليه بمعنى فاعلة لأنها تسري في خفية وجمعها سرايا وسريات كعطية وعطايا وعطيات كذا في «المصباح» ، وفي «المواهب اللدنية» قال في «الفتح» : السرية التي تخرج بالليل، والنهارية التي تخرج بالنهار، قال: وقيل سميت سرية لأنه يخفى ذهابها، وهذا يقتضي أنها من السرّ ولا يصح ذلك لاختلاف المادة، وهي قطعة من الجيش تخرج ثم تعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة، يقال له منسر بالنون والمهملة، فإن زاد على الثمانمائة سمي جيشاً، فإن زاد على الأربعة آلاف سمي جحفلاً، والخميس الجيش العظيم وما افترق من السرية يسمى بعثاً اهـ. قال الحافظ في «الفتح» : ثم رأيت بعض من تكلم على العمدة فسر المبهم في الحديث بأنه كلثوم بن زهدم، وعزاه لابن منده، لكن رأيت بخط رشيد بن العطار نقلاً عن صفة التصوّف لابن طاهر عن ابن منده فسماه كرز بن هدم والله أعلم (فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم) لكونه إمامهم (فيختم بقل هو الله أحد) يدل على أنه يقرأ بغيرها، ففيه دليل جواز الجمع بين سورتين غير الفاتحة في ركعة واحدة (فلما رجعوا) أي عادوا من السرية (ذكروا ذلك) أي ما ذكر من ختمه بسورة الإخلاص (لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: سلوه) أصله اسألوه، فنقلت حركة الهمز إلى السين المهملة فحذفت همزة الوصل لذهاب المعنى الذي جيء بها لأجله (لأي شيء يصنع ذلك) أي ليرتب جزاءه على حسب نيته وقصده، ففيه إيماء إلى أن الأعمال بمقاصدها (فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن) فقد اشتملت على ما يجب له سبحانه من التوحيد وما يجوز في حقه من توجيه الخلق حوائجهم إليه وقصدهم

إياه في سائر أمورهم وما يستحيل في حقه من كونه مولداً من شيء أو يتولد منه شيء، تعالى عما لا يليق به مما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبير.d وقال الدماميني: يحتمل أن يراد بقوله إنها صفة الرحمن أن فيها ذكر صفته كما إذا ذكر وصف فعبر عن ذلك الذكر بأنه الوصل وإن لم يكن ذلك الذكر نفس الوصف، ويحتمل أن يراد به غير ذلك إلا أنه لا يختص ذلك بـ {قل هو الله أحد} ولعلها خصت به لاختصاصها بصفاته تعالى دون غيرها (فأنا أحبّ) تقديم المبتدأ للتأكيد لتكرار الإسناد وللاهتمام (أن أقرأ بها) أي محبة للدالّ على صفته تعالى (فقال رسول الله) لمن أخبره عنه بمراده أو لغيره من بعض الحاضرين (أخبروه) على وجه البشارة (أن الله يحبه) قال الدماميني: يحتمل أن يريد لمحبته قراءة هذه السورة، ويحتمل أن يكون لما يشهد به كلامه في محبته لذكر الربّ واعتقاده اهـ. وقد دلّ تبشيره بذلك على الرضا بفعله وعبر عنه بصيغة المضارع إيذاناً بدوام هذا الشأن واستمراره، قال ناصر الدين بن المنير، وفي الحديث أن المقاصد بغير أحكام الفعل، لأن الرجل لو قال، إن الحامل له على إعادتها أمر غير ما ذكره لأجابه بما يناسبه، فلما ذكر أن الداعي لذلك محبتها وظهرت صحة قصده لذلك صوّبه وقال: فيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس والاستكثار منه، ولا يعدّ ذلك هجراناً للبعض (متفق عليه) أخرجه البخاري في التوحيد، ومسلم في الصلاة ورواه النسائي في كتاب الصلاة أيضاً وفي اليوم والليلة، قاله الحافظ المزي.

٤٨ - باب التحذير من إيذاء الصالحين

يحتمل أن يراد به المعنى الأعم: أي المسلمين كما حمل عليه الولد الصالح في قوله: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» الحديث، ويشهد لهذا الآية الأولى ويحتمل أن يراد به المعنى الخاص، وهو القائم بما عليه من حق الله سبحانه أو لأحد من عباده (والضعفة) جمع ضعيف (والمساكين) المراد منه ما يشمل الفقراء والمراد التحذير من إيذاء من لا ناصر له إلا الحق سبحانه: من صالح ومسكين وضعيف لا يؤبه به ولا يقام للتعرض، وظاهره أن الكلام في الإيذاء بغير حق كما في الآية فلا يرد نحو حد لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>