للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٥٣- باب: في كرامات الأولياء وفضلهم]

ــ

تقصير في الطاعات، أو غفلة في الحالات، وهذا يشعر برجاء العفو المقلل للحزن، وكون الحلم حقيقة الطمأنينة عند الغضب؛ وذلك لا يطلق عليه تعالى يجاب عنه بأن المراد به لازمها، أي: تأخير العقوبة وإطلاق الدعاء على هذا؛ لأنه يفتتح به الدعاء لكشف الكرب كما تقدم نظيره، واشتملت الجملة الثانية على التوحيد والربوبية وعظم العرش، ووجه ذكر الرب من بين سائر الأسماء الحسنى، هو كونه مناسباً لكشف الكرب الذي هو مقتضى التربية، ووجه تخصيص العرش بالذكر كونه أعظم أجسام العالم فيدخل الجميع تحته دخول الأدنى تحت الأعلى، وخص السموات والأرض بالذكر لأنهما من أعظم المشاهدات انتهى ملخصاً.

باب كرامات الأولياء وفضلهم

الكرامات: جمع كرامة، وهي: إحدى الخوارق للعادات. وهي خمس: إرهاص، ومعجزة، وكرامة، ومعونة، ومهونة. فالإِرهاص الخارق للعادة المتقدم على تحدي النبي ودعواه النبوة كإظلال الغمام فإنه لم يقع له - صلى الله عليه وسلم - إلا قبل النبوة خلافاً لمن وهم فيه. وسمي إرهاصاً لما فيه من تأسيس النبوة، والمعجزة الخارق للعادة المقرون بالتحدي الواقع على طبق ما ادعاه مع الأمن من المعارضة فيه، والتحدي طلب المعارضة والمقابلة. وقال المحققون: دعوى الرسالة. وسميت معجزة لعجز البشر عن الإِتيان بمثله. أما ما لا يؤمن معارضته فيسمى سحراً. وجوز قوم قلب الأعيان وإحالة الطبائع كصيرورة الإِنسان حماراً، ومنعه آخرون قالوا: وإلاّ لم يكن فرق بين النبي والساحر. ويرد بوضوح الفرق بينهما فإن قالها عند التحدي لا يمكن معارضته لإِطراد العادة الإِلهية، إن المدعي النبوة كاذباً لا يظهر على يديه خارق كذلك مطلقاً، وعند عدمه يمكن المعارضة بتعلم ذلك السحر، فظهر أن قيد التحدي لا بد منه، لكنه لا يشترط عند كل معجزاته؛ لأن أكثر معجزاته - صلى الله عليه وسلم - صدر من غير تحد، بل قيل: لم يتحد بغير القرآن وتمني الموت وإنما الشرط وقوعها ممن تسبق منه دعوى التحدي، والكرامة الخارق للعادة لا على سبيل التحدي. ويدخل ما وجد من خوارق العادات بعد التحدي كما روي بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - من نطق بعض الموتى بالشهادتين وشبهه مما تواترت به الأخبار فيسمى كرامة. وجرى القاضي عياض في الشفاء على أن منها ما يبدو من الخوارق على يد النبي لا على سبيل التحدي. وتقدم آنفاً خلافه. والمعونة خارق للعادة يبدو على يد بعض المؤمنين كإنقاذ من مهلكة وتخليص من ورطة بوجه خارق للعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>