للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الله تَعَالَى (١) : (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .

وقال تَعَالَى (٢) : (وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (٢٥) فكُلِي وَاشْرَبِي) الآية.

ــ

والمهونة: خارق للعادة على خلاف دعوى المتحدي، كما وقع لمسيلمة أنه تفل في بئر ليكثر ماؤها فغار. والأولياء جمع ولي. وهو المؤمن المطيع لمولاه فعيل بمعنى فاعل لأنه والى الله باتباع مرضاته، أو بمعنى مفعول لأن الله تعالى والاه. وكرامات الأولياء متنوعة ذكر منها الشيخ تاج الدين السبكي في الطبقات نيفاً وعشرين نوعاً. ويجمع ذلك كل ما جاز وقوعه معجزة للنبي جاز كونه كرامة للولي. وهي على إطلاقها من غير استثناء خلافاً لبعضهم. (قال الله تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم) حين يخاف الناس عقاب الله (ولا هم يحزنون) على فوات مأمول (الذين آمنوا وكانوا يتقون) بيان لأولياء الله (لهم البشرى في الحياة الدنيا) الرؤيا الحسنة هي البشرى يراها المسلم أو ترى له، وقال بعضهم: بشرى الملائكة عند احتضاره بالجنة. وعن الحسن هي ما يبشر الله المؤمنين في كتابه من جنة ونعيمها (وفي الآخرة) الجنة ورضوان الله وقال بعضهم: المراد بتبشير الملائكة في القبر (لا تبديل لكلمات الله) لا خلاف لمواعيده (ذلك) أي: كونهم مبشرين في الدارين (هو الفوز العظيم. وقال تعالى) خطاباً لمريم (وهزي إليك بجذع النخلة) الباء مزيدة للتأكيد، أو بمعنى افعلي الهز (تساقط) أي: تساقط النخلة (عليك رطباً جنياً) تمييز إن كان التساقط من التفاعل، ومفعول إن كان من المفاعلة، أي: غضاً، وكانت تلك النخلة يابسة، فأورقت كرامة لمريم لتكون كرامة أخرى ليطمئن قلبها، أو مثمرة لكن لم يكن حين ثمرها (فكلي) من الرطب (واشربي) من النهر أو من عصير الرطب (وقري عيناً) وهو من القر أي: البرد فإن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، أو من القرار فإن العين إذا رأت ما يسر سكنت إليه من النظر إلى غيره (الآية) وأشار بها إلى تكلم عيسى ومخاطبته لقومها ومحاورته عنها ومن


(١) سورة يونس، الآيات: ٦٢، ٦٣، ٦٤.
(٢) سورة مريم، الآيتان: ٢٥، ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>