للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَتَلوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -" فَقَالَ: "أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟! " فَقَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا (١) .

٣٥١- باب في النهي عن التغوط في طريق الناس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها

ــ

الحلف من غير استحلاف، وهو مستحب. وإذا كان فيه تعظيم أمر المطلوب، كما في الحديث. وفيه المنع من الشفاعة في الحدود، وهو مجمع عليه بعد بلوغه للإِمام، أما قبله فجائز عند أكثر العلماء، إذا لم يكن المشفوع فيه ذا شر وأذى للناس، فإن كان لم يشفع فيه. أما المعاصي التي لا حد فيها، فتجوز الشفاعة فيها شرطه السابق، وإن بلغت الإِمام لأنها أهون. وفيه مساواة الشريف وغيره في أحكام الله تعالى وحدوده، وعدم مراعاة الأهل والأقارب في مخالفة الدين (وفي رواية) للبخاري (فتلون) أي: تغير غيظاً (وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أتشفع في حد من حدود الله فقال أسامة) لما رأى إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - وغضبه مما أتاه (استغفر لي يا رسول الله) أي: لتمحي تلك الخطيئة. (قال: ثم أمر بتلك المرأة فقطعت يدها) زاد البخاري عن عائشة "ثم تابت بعد وتزوجت" فكانت تأتي لعائشة فترفع حاجتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلهم وموارد الماء ونحوها حمل الجمهور النهي على التنزيه. قال الشيخ زكريا وينبغي تحريمه، لما فيه من إيذاء المسلمين؛ ونقل في الروضة عن أصلها عن صاحب العدة: على التحريم. والحديث ظاهر فيه، بل نقل في أنه من الكبائر للعن فاعله، وخص المصنف التغوط بالذكر: لعظم الضرر به بالنسبة للبول لسرعة جفافه؛ فيقل الأذى. ومحل النهي عنه في الظل إذا كان معداً لاجتماع مباح، أما لو كان معداً لاجتماع محرم كمكس أو غيبة، وقصد به تفريقهم، فلا كراهة. ومثل الظل في الصيف محل الشمس في الشتاء، فلو عبر المصنف بمتحدث لشملهما، وكأنه أراد


(١) أخرجه البخاري في كتاب: آواخر كتاب الأنبياء وأخرجه أيضاً في الحدود، باب: كراهية الشفاعة في الحد، (١٢/٧٧، ٨٥) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الحدود، باب: قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود (الحديث: ٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>