للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ريحاً بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيرٍ أو إيمَانٍ إلاَّ قَبَضَتْهُ، حَتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ، لَدَخَلَتْهُ عَلَيهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ، وأحْلامِ السِّبَاعِ، لاَ يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، ولا يُنْكِرُونَ مُنْكَراً، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فيَقُولُ: ألاَ تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تأمُرُنَا! فَيَأمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمْ في ذلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فَلاَ يَسْمَعُهُ أحَدٌ إلاَّ أصْغَى لِيتاً وَرَفَعَ لِيتاً،

ــ

ابن مريم، فيمكث في الأرض أربعين سنة، لو يقول للبطحاء سيلي عسلاً لسألت". ومنها ما أخرجه أحمد في مسنده عن عائشة مرفوعاً في حديث الدجال: "فينزل عيسى ابن مريم فيقتله، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة، إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً" وورد أيضاً من حديث ابن مسعود عند الطبراني فهذه الأحاديث المتعددة أولى من ذلك الحديث الواحد المحتمل اهـ. (ثم يرسل الله عز وجل ريحاً باردة) تقدم في حديث النواس بدل باردة قوله طيبة فلعل طيبها بردها وبين جهة مهبها بقوله: (من قبل الشام فلا يبقى) بالتحتية (على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضت) من الإِسناد إلى السبب كما تقدم (حتى لو أن أحدكم) الخطاب للمؤمنين الموجود بعضهم حاله (دخل في كبد) بفتح فكسر على الأفصح أي: وسط وداخل (جبل لدخلته عليه حتى تقبضه فيبقى شرار الناس) بكسر المعجمة (في خفة الطير) بكسر المعجمة وتشديد الفاء، والطير يجوز أن يكون اسم جمع طائر، وأن يكون واحد الطيور (وأحلام) بالمهملة (السباع) بكسر المهملة وبالموحدة وبعد الألف مهملة أيضاً. قال المصنف: قال العلماء: معناه يكونون في سرعتهم إلى الشر وقضاء الشهوة والفساد: كطيران الطير، وفي العدو خلف بعضهم بعضاً أحلام السباع العادية (لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً) لشدة الجهل (فيتمثل لهم الشيطان) أي: يتصور لهم على مثال شخص فيخاطبهم (فيقول ألا تستجيبون فيقولون. فما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار) بتشديد الراء (رزقهم) أي: ما ينتفعون به (حسن عيشهم) أي: ما يعيشون به من الطعام والشراب والملبس: والجملة خبر بعد خبر وجملة وهم الخ حال، أتى بها لبيان ما ترتب على ضلالهم من رفاهية العيش وخصوبته. وفي الكلام حذف، أي: فيجيبونه لذلك كما جاء ما يدل لذلك. (ثم ينفخ في الصور) نفخة الصعق (فلا يسمعه) أي: النفخ المدلول عليه بالفعل. (أحد إلا أصغى ليتاً) بالصاد المهملة وبالغين المعجمة أي: مال (ورفع ليتاً

<<  <  ج: ص:  >  >>