للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ألا أُحدِّثُكمْ حديثاً عن الدجالِ ما حدَّثَ بهِ نبيٌّ قَومَهُ! إنَّهُ أعورُ، وَإنَّهُ يجيءُ مَعَهُ بِمِثالِ الجنَّةِ والنَّارِ، فالتي يقولُ إنَّها الجَنَّةُ هي النَّار". متفقٌ عليهِ (١) .

١٨١٧- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانَي النَّاسِ، فَقَالَ: "إنَّ اللهَ لَيْسَ بِأعْوَرَ، ألاَ إنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ". متفق عليه

ــ

الدجال) أي: عن آيات كذبه (ما حدث به نبي قومه) أي: إن إنذاره لقومه كان بغيره (أنه أعور وأنه يجيء معه بمثال) بكسر الميم وتخفيف المثلثة (الجنة والنار فالتي يقول إنها الجنة هي النار) أي: وبالعكس واكتفي بما ذكره لدلالته عليه (متفق عليه) واللفظ لمسلم. وأشار إليه البخاري بقوله في آخر باب ذكر الدجال فيه أبو هريرة وابن عباس، وذكر الحافظ في الفتح: يحتمل أنه أشار لهذا الحديث وهو أقرب اهـ. ملخصاً.

١٨١٧- (وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الدجال بين ظهراني الناس) الظرف لغو متعلق "بذكر" وبين ظهراني: بفتح النون وكسر الياء لالتقاء الساكنين، بصيغة المثنى، أتى به للدلالة على زيادة الظهور وعدم الاختفاء؛ قال في فتح الباري: وزيدت الألف والنون فيه للنداء، ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا خلفه، فكأنهم خفراء من جانبيه هذا أصله. ثم كثر حتى استعمل في الإِقامة بين القوم مطلقاً. ولذا زعم بعضهم أن لفظ "ظهراني" هنا زائدة (فقال إن الله ليس بأعور إلا أن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة) فيه من المحسنات، الجناس المصحف. ومنه حديث: "ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى وأبقى" (طافية) بياء غير مهموزة أي: بارزة ولبعضهم بالهمز وهي التي ذهب ضوءها.

قال عياض: روينا عن الأكثر بغير همز، وهو الذي صححه الجمهور وجزم به الأخفش، ومعناه أنها ناتئة نتوء حبة العنب من بين أخواتها. وضبطه بعضهم بالهمز، وأنكره بعض.

والأوجه: الإِنكار. فقد جاء في حديث آخر "أنه ممسوح العين مطموسة وليست حجراً ولا يابسة". وهذه صفة حبة العنب إذا سال ماؤها. وهذا يصحح رواية الهمز. قال الحافظ في الفتح: والحديث المشار إليه عند أبي داود. وجمع القاضي عياض بين الروايتين فقال:


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الأنبياء، باب: قوله تعالى (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه) ، (٦/٢٦٤) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، (الحديث: ١٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>