للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أسْوَاقُهَا". رواه مسلم (١) .

١٨٤٠- وعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - من قولهِ قال: لاَ تَكُونَنَّ إن اسْتَطَعْتَ أوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا

ــ

الأرض عامراً كان أو خلاء. وفي التنزيل إلى بلد ميت أي: إلى أرض ليس بها نبات ولا مرعى، فيخرج ذلك بالمطر فترعاه أنعامهم فأطلق الموت، على عدم النبات والمرعى، وأطلق الحياة على وجودهما اهـ (٢) . (وأبغض البلاد إلى الله) تعالى (أسواقها) جمع سوق وهو اسم لكل مكان وقع فيه التبايع ممن يتعاطى البيع. وفي المصباح: السوق يذكر ويؤنث. وقال أبو إسحاق التأنيث أفصح وأصح والتذكير خطأ، لأنه يقال سوق نافقة ولم يسمع نافق. والنسبة إليها سوقي وسبب البغض أنها محل للفحش والخداع والربا والأيمان الكاذبة واختلاف الوعد والإِعراض عن ذكر الله تعالى، وغير ذلك مما في معناه، والحب والبغض من الله تعالى إرادته الخير والشر، وفعل ذلك لمن أسعده وأشقاه والمساجد محل نزول الرحمة والأسواق ضدها. وقال السيوطي: هذا مجاز وصف المكان بصفة ما يقع فيه ولا يقوم به قيام العرض بالجوهر أراد بمحبة المساجد حب ما يقع فيها من ذكر، وتلاوة كتابه، والاعتكاف، ونشر العلم والصلوات. ويبغض الأسواق بغض ما فيها من غش وخديعة وخيانة وسوء معاملة مع كون أهلها لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، ولا يغضون أبصارهم عن المحارم (رواه مسلم) .

١٨٤٥- (وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه) تقدمت ترجمته في باب أدب المجلس والجليس (من قوله) أي: موقوفاً عليه وهو في محل الحال (قال: لا تكونن إن استطعت) جملة شرطية محذوفة الجواب، لدلالة المقام عليه أي: فلا تكونن من أول داخل فيها ولا خارع منها وهي معترضة بين اسم يكون وهو المستكن في الفعل وخبرها وقوله (أول من يدخل السوق ولا آخر) معطوف عليه (من يخرج منها) وأتى بالجملة تنبيهاً على أن التكاليف على هذه الأمة، حسب طاقتها وقدر استطاعتها. وعلل ما ينهى عنه بقبوله (فإنها) أي: السوق (معركة الشيطان) أي: يريد فيها القبائح من الغش والخداع والأيمان الكاذبة، والأفعال المنكرة، ويريد ذلك لأوليائه من الإِنس (وبها ينصب رايته) والمبادرة إليها دخولاً،


(١) أخرجه مسلم في كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد، (الحديث: ٢٨٨) .
(٢) صححت العبارات السابقة بمراجعة القاموس والنهاية والمصباح. ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>