للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان الليل» أي: أوله ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال له سلمان (ثم فنام، ثم ذهب يقوم فقال نم، فلما كان من آخر الليل) أي: عند السحر وكذا هو في رواية ابن خزيمة. وعند الترمذي «فلما كان عند الصبح» والدارقطني «فلما كان في وجه الصبح» (قال سلمان: قم الآن، فصليا) في رواية الطبراني «فقاما فتوضأ ثم ركعا ثم خرجا إلى الصلاة» (فقال له سلمان) مرشداً إلى حكمة الاقتصاد وترك الغلوّ في العبادة (إن لربك عليك حقاً) من العبادة (وإن لنفسك عليك حقاً) من الطعام الذي تقوم به بنيتها والمنام الذي يحصل به صحتها (ولأهلك) أي: زوجك (عليك حقاً) هو إتيانها وقضاء وطرها، زاد الترمذي وابن خزيمة «ولضيفك عليك حقاً» زاد الدارقطني فصم وأفضل وصل ونم وأت أهلك» وذلك كالتفسير لقوله هنا (فأعط كل ذي حق حقه لي) أي: أبو الدرداء (النبي، فذكر ذلك له) في رواية الترمذي «فأتيا بالتثنية» وعند الدارقطني «ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا أبو الدرداء ليخبر النبي بالذي قال له سلمان، فقال له: يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقاً» مثل ما قال سلمان، ففي هذه الرواية أن النبي أشار إليهما بأنه علم بطريق الوحي ما جرى بينهما، فيحتمل الجمع بأنه كاشفهما بذلك أولاً ثم أطلعه أبو الدرداء على صورة الحال (فقال النبي: صدق سلمان) وعند الطبراني مرسلاً قال: «كان أبو الدرداء يحيي ليلة الجمعة ويصوم يومها، فأتاه سلمان» فذكر القصة مختصرة وزاد في آخرها فقال النبي: «عويمر. سلمان أفقه منك» اهـ. وعويمر هو اسم أبي الدرداء. وفي رواية لأبي نعيم «فقال النبيّ: «لقد أوتي سلمان علماً» .

قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر ما شرحنا به الحديث ملخصاً: وفي الحديث من الفوائد مشروعية المؤاخاة فيالله، وزيارة الإخوان فيه والمبيت عندهم، وجواز مخاطبة الأجنبية للحاجة، والنصح للمسلم وتنبيه من غفل، وفيه فضل قيام آخر الليل، وفيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور. والوعيد الوارد فيمن نهى مصلياً عن الصلاة مخصوص بمن نهاه ظلماً وعدواناً، وفيه كراهية الحمل على النفس في العبادة، وفيه جواز الفطر من صوم التطوع. ثم أطال الحافظ في بيان الخلاف في

<<  <  ج: ص:  >  >>