للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفعال التي ثلاثيها متعدّ وإذا زيدت فيه الهمزة صار قاصراً: أي يلقيه (على وجهه في نار جهنم)

قال الطيبي: قوله فلا يطلبنكم من باب لا أرينك هاهنا، وقع النهي عن مطالبة الله إياهم عن نقض العهد، والمراد نهيهم عن التعرض لما يوجب مطالبة الله إياهم، وفيه مبالغات لأن الأصل لا تخفروا ذمته فجيء بالنهي كما ترى وصرح بلفظ «ا» ووضع المنهي، الذي هو مسبب موضع التعرض الذي هو سبب فيه، ثم أعاد الطلب وكرر الذمة ورتب عليه الوعيد. والمعنى: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا تتعرضوا له بشيء يسير، فإنكم إن تعرضتم له يدرككم الله ولن تفوتوه فيحيط بكم من جوانبكم كما يحيط المحيط بالمحاط فيكبكم في نار جهنم. قال ابن حجر الهيتمي في «شرح المشكاة» : وفيه غاية التحذير من التعرّض بسوء لمن صلى الصبح المستلزمة لصلاة بقية الخمس وأن في التعرض له بسوء غاية الإهانة والعذاب. اهـ. ونقل الشعراني في كتاب الحوض المورود أن الحجاج كان مع شدة فجوره إذا أتى له بأحد يسأله هل صليت الصبح؟ فإن قال نعم ترك التعرّض له بسوء خوفاً من هذالوجه (رواه مسلم) في كتاب الصلاة، ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة ولفظه: «من صلى الصبح فهو في ذمةالله، فلا يتبعنكم الله بشيء من ذمته» وسيأتي فيه بسط في باب التحذير من إيذاء الصالحين.

٢٣٣١٢ - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: المسلم أخو المسلم) قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} (الحجرات: ١٠) قال البيضاوي: أي من حيث إنهم منسوبون إلى أصل وهو الإيمان الموجب للحياة الأبدية اهـ. ورتب على هذه الأخوة المقتضية لمزيد الشفقة والتناصر والتعاون قوله (لا يظلمه) بأن ينقصه من ماله أو من حقه بغصب أو نحوه، ولا يسلمه إلى عدوّ متعد عليه عدواناً، بل ينصره ويدفع الظلم عنه ويدفعه عن الظلم كما سيأتي في حديث «انصر أخاك ظالماً» (ولا يسلمه) إلى عدوه ومنه نفسه التي هي أمارة بالسوء والشيطان كما قال تعالى: {إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوّاً} (فاطر: ٦) فيحول بينه

<<  <  ج: ص:  >  >>