للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التصوير من الله تعالى، وفي بعض الروايات إضافته إلى الملك الموكل بالرحم، والحمل على ظاهر التنزيل أولى، وجمع بعض بأن الملك الموكل بالرحم من أعوان إسرافيل وبيده الصور، وهو ناظر إلى إسرافيل، وإسرافيل ناظر إلى الصورة المنقوشة فقد ورد «إن الله تعالى جعل لكل ما خلق صورة مخصوصة في ساق العرش، وتلك الصورة حكاية عما في علم الله الأزلي» فيأخذ إسرافيل الصورة المختصة بتلك الذرة ويلقيها إلى الرحم، وملك الأرحام يلقيها إلى الجنين فيصوره بتلك الصورة، فحيث أسند التصوير إليه تعالى فلأنه المقدر للصورة حقيقة الموجد لها، وحيث أسند للملك فلأنه المباشر لها حسبما رأى في نسخة إسرافيل (فوالذي) هو من جملة المرفوع كما يدل عليه ظاهر رواية «الصحيحين» هذه وغيرها. وأما ما رواه الخطيب البغدادي في المدح من أن من هنا إلى الآخر من كلام ابن مسعود فلا يعارض ما في «الصحيحين» ، بل ما فيهما مقدم عليه، وبفرض ثبوت ما فيه فالذي توقف عليه إنما هو هذه المباني، وإلا فقد جاء هذا المعنى مرفوعاً في أحاديث كثيرة بينتها أواخر «شرح الأذكار» ، الفاء فصيحة وهي العاطفة على مقدر، وقيل الواقعة جواباً لشرط مقدر، وقد بسطت الكلام في تحقيق هذه الفاء وأحوالها في كتابي المسمى بـ «إيقاظ النائم من سنة نومه» ببعض فوائد قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه} (البقرة: ٦٠) أي فإذا كانت السعادة والشقاوة مكتوبين فوالذي (لا إله غيره) أكده بالقسم لتأكيد أمر القضاء (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى) أي إلى أن ينتهي إلى أمد (ما يكون) ما نافية ويكون مرفوع إجراء لحتى وما بعدها مجرى الحكاية الحالية، قاله الكازروني «شارح الأربعين» ، قال: والنصب فيه وفي الجملة الثانية خطأ (بينه وبينها) أي الجنة (إلا ذراع) أراد به التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه الجنة (فيسبق) أورد الفاء لتدل على حصول السبق بلا مهلة وعداه بعلى في قوله (عليه

الكتاب) لتضمنه معنى يغلب: أي يغلب عليه ما كتب عليه قبل النفخ من الشقوة (فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) بفصل القضاء السابق المحتوم لشقوته (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون) أي إلى أن لا يبقى (بينه وبينها إلاّ

<<  <  ج: ص:  >  >>