للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكراً صابراً: من نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به، ومن نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، وأما من نظر في دنياه إلى من هو فوقه وأسف إلى ما فاته فإنه لا يكتب شاكراً ولا صابراً اهـ. (ولا تنظروا إلى من) أي الذي أو شخص (هو فوقكم) أي في ذلك على سبيل استعظام ما ناله واستكثاره (فهو) أي قصر النظر عمن فوق أو هو مع ما قبله (أجدر) أي أحق (ألا تزدروا) أي بأن لا تحقروا وتستصغروا افتعال من ازدراء قلبت فاؤه دالاً لتجانس الزاي في الجهر (نعمة الله عليكم) ثم ما أذن به أفعل من التفضيل المؤذن بثبوت أصله عند النظر المذكور باعتبار ما ركز في الطباع السالمة من الآفة من شكر نعمالله. وإن قلت: وعدم احتقارها. قال ابن جرير وغيره: هذا الحديث جامع لأنواع الخير، وذلك لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه............

من ذلك واستصغر ما عنده من نعمة الله وحرص على الازدياد ليلحق من فضل عليه فيها أو يقاربه، هذا هو الموجود في غالب الناس قال بعض السلف: صاحبت الأغنياء فكنت لا أزال في حزن أرى داراً واسعة ودابة فارهة ولا عندي شيء من ذلك: فصحبت الفقراء فاسترحت، وفي معناه ما أخرجه الحاكم من حديث عبد الله بن الشخير رفعه «أقلوا الدخول على الأغنياء فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة ا» أورده في «الفتح» ، وأما إذا نظر في الدنيا إلى من هو دونه ظهر له نعمة الله عليه فشكرها وتواضع وفعل ما فيه الخير وكذا إذا نظر إلى من هو فوقه في الدين ظهر له تقصيره فيما أتى به فحمله ذلك على الخضوع لمولاه، وألا ينظر لعمله ولا يعجب به ويزداد في الجهد في العمل والدأب فيه، وا الموفق وسيأتي له مزيد إن شاء الله تعالى (متفق عليه) أي في الجملة، وإلا فالحديث المذكور رواه مسلم في الزهد من «صحيحه» من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وكذا رواه الترمذي وابن ماجه في الزهد من «جامعه» وقال الترمذي صحيح، وحديث البخاري باللفظ الآتي بعده هو الذي اتفقا عليه فرواه مسلم عقب هذا الحديث عن يحيى بن يحيى وقتيبة قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة والبخاري في أواخر الرقاق من «صحيحه» عن إسماعيل عن مالك عن أبي الزناد به، فالحديث الآتي هو المتفق عليه، أما الأوّل فانفرد به مسلم عن البخاري، وقد صنع كذلك المزي في «الأطراف» فرمز على حديث الباب برمز مسلم دون رمز

<<  <  ج: ص:  >  >>