للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الصفة، وفي لفظ أبي نعيم عنه «رأيت سبعين منهم يصلون في ثوب، فمنهم من يبلغ ركبتيه ومنهم من هو أسفل من ذلك، فإذا ركع أحدهم قبض عليه مخافة أن تبدو عورته» وبعضه عند الحاكم عنه ولفظه «لقد كان أصحاب الصفة سبعين رجلاً مالهم أردية» وقال صحيح على شرطهما، والمراد أن ذلك قدر ما رآه كما تقدم. قال أبو نعيم: الظاهر من أحوالهم والشاهد من أخبارهم غلبة الفقر عليهم وإيثار القلة واختيارهم لها فلم يجتمع لهم ثوبان ولا حضرهم من الطعام لونان اهـ. وقد ألف في أهل الصفة الحافظ أبو نعيم كما نقل الحافظ في «الفتح» في أبواب المساجد والسخاوي وغيرهما.......

١٤٤٦٩ - (وعنه) أي أبي هريرة (قال: قال رسول الله: الدنيا سجن المؤمن) أي بالنسبة لما أعد له من النعيم (وجنة الكافر) أي بالنسبة لما أعد له من العذاب، أو يقال المؤمن ممنوع من شهواتها المحرمة فكأنه في السجن، والكافر عكسه فهي كالجنة له، قاله الشيخ أكمل الدين، وأشار إلى أنه من التشبيه البليغ: أي حذفت أداته وحمل المشبه على المشبه به مبالغة وادعاء أنه من أفراده، لا استعارة لأن شرطها طيّ ذكر المشبه أو المشبه به، وأشار بعضهم إلى أنه على حقيقته وأن المؤمن لما عليه في الدنيا من التكاليف وتوالي المحن والمكابدات للهموم والغموم والأسقام وغير ذلك في سجن وأي سجن أعظم من ذلك، ثم هو في السجن لا يدري بماذا يختم له من عمل كيف وهو يتوقع أمراً لا شيء أعظم منه ويخاف هلاكاً لا هلاك فوقه، فلولا أنه يرتجي الخلاص من هذا السجن لهلك حالاً، ولكن لطف الله به بما وعده على صبره وبما كشف له من حميد عاقبة أمره، والكافر منفك عن تلك التكاليف آمن من تلك المخاوف مقبل على لذته منهمك في شهوته فهو كالأنعام، وعن قريب يستيقظ من هذه الأحلام ويحصل في السجن الذي يرام، نسأل الله العافية اهـ.

وفي الحديث تحريض للمؤمن على الإعراض عنها وعدم النظر لها نظر محبة لأن ذلك شأن السجن (رواه مسلم) في أواخر صحيحه، قال السيوطي في «الجامع الصغير» : رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة، والطبراني والحاكم في «المستدرك» عن ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>