للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبد) بفتح الكاف وكسر الموحدة في الأفصح: أي حيوان وعبرت به لأنه من الأجزاء الرئيسة في البدن (إلا شطر شعير) لا يخفى ما اشتمل عليه هذا الخبر من مزيد إعراضه عن الدنيا بالمرة وعدم النظر إليها، لأنه إذا كان هذا حالها وهي أحب أمهات المؤمنين إليه وقد دانت له الأرض شرقاً وغرباً وجيء بثمراتها فضة وذهباً ولم يوجد عندها إلا ما ذكر ففيه أعظم دليل على مزيد إعراضه عنها (في رفَ) بفتح الراء وتشديد الفاء، قال في «النهاية» : هو خشب يرفع عن الأرض إلى جنب الدار يوقى به ما يوضع عليه، وجمعه رفوف أو رفاف، وفي «الفتح» للحافظ قال الجوهري: الرف شبه الطاق في الحائط وقال عياض: الرفّ خشب يرفع عن الأرض يوضع فيه ما يراد حفظه. قلت: والأول أقرب للمراد اهـ. وقولها (لي) في محل الصفة لرفّ (فأكلت منه) من ابتدائية أو تبعيضية وقولها (حتى طال عليّ) غاية لمحذوف أي وداومت على الأكل منه حتى طال علي (فكلته) بكسر القاف (ففني) أي ففرغ وقد وقع نظير ذلك في قصة أخرى، رواه مسلم أيضاً أنه أطعم رجلاً وسقا من شعير فأكلوا منه مدة حتى كالوه ففني، فأخبر النبي فقال: لو لم يكل لأكلتم منه ولكفاكم. قال المصنف: إنما فنى عند كيله عقوبة لأن كيله مضاد للتسليم ومتضمن للتدبير وتكلف للإحاطة بأسرار الله تعالى. قال التلمساني في «شرح الشفاء» : ولا يخالف هذا حديث «كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه» لأن ما أمر به عند إرادة المناولة فيكون استعمال آلة النبي وشريعته، وما أمر به مطردة للشيطان: وأيّ مطردة له أكثر من تناوله بيده المباركة، وأيضاً فإن تكثير الطعام القليل من أسرار الله تعالى الخفية، وشرط السرّ إخفاؤه. وقال الحافظ في «الفتح» : أجيب بأن الكيل عند المبايعة محبوب من أجل تعلق حق المتابيعين ولذا يندب، وأما الكيل عند الإنفاق فالباعث عليه الشحّ فلذا كره.............

وقال القرطبي: سبب رفع النماء عند الكيل والله أعلم. الالتفات بعين الحرص مع معاينة إدرار نعم الله تعالى ومواهب كراماته وكثرة بركاته والغفلة عن الشكر عليها والثقة بالذي وهبها والميل إلى الأسباب المعتادة عند مشاهدة خرق العادات، ويستفاد منه أن من رزق شيئاً أو أكرم بكرامة أو لطف به في أمر فالمتعين عليه موالاة الشكر وتنزيه المنة تعالى، ولا يحدث في تلك الحالة تغييراً اهـ. (متفق عليه) رواه البخاري في الخمس، وفي الرقاق من صحيحه، ورواه مسلم في آخر «صحيحه» ، ورواه ابن ماجه في الأطعمة.

(وقولها شطر شعير: أي شيء) قليل كما يومىء إليه السياق (من شعير كذا فسره الترمذي) وكأنه مستند

<<  <  ج: ص:  >  >>