للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقول: كذا قال!

لأن المرداوي - رحمه الله - بَيَّنَ أنه لم ير أحدا سلك طريقته، وأنه غير مسبوق إلا في تصحيح الخلاف المطلق فقط، وما عداه فهو الذي أبدعه وابتدأه، قال في مقدمة التنقيح (١) (وهذه طريقة لم أر أحدا ممن يتكلم على التصحيح سلكها، إنما يصححون الخلاف المطلق من الروايات والأوجه والاحتمالات فقط؛ ففاتهم شيء كثير جدا مع مسيس الحاجة إليه أكثر مما فعلوه).

وقال في الهامش على قوله: (التصحيح): (أعني من أصحابنا، بل ولا من غيرهم لم أرهم ذكروا ذلك).

ومن أهم ما عمله الشيخ المرداوي في المقنع- وكذا الفروع - هو: تصحيح الخلاف المطلق.

والمراد بالخلاف المطلق: الخلاف الذي يذكره المصنف - أي: ابن قدامة - ولم يجزم فيه بالمذهب، أو باختيار واحد من الروايات أو الأوجه أو الاحتمالات التي يذكرها (٢).


(١) ص ٣١
(٢) ثم إني رأيت الشيخ ناصر الميمان- في مقدمة كتاب التوضيح للشويكي ١/ ١٣٠ - عرف الخلاف المطلق بقوله: ومعناه: ذكر الروايتين، أو الروايات من غير تقديم ولا تصحيح ولا ترجيح اهـ.
ولي عليه ملاحظتان:
الأولى: أن فيه قصورا، إذ أنه لم يذكر الأوجه والاحتمالات التي يكون فيها أيضا خلاف مطلق.
الثانية: قوله: من غير تقديم، هذا يصدق على مَنْ جعل ما قدمه هو الراجح كصاحب الفروع، ولا يصدق ذلك على صاحب المقنع، لأنه ليس كل ما قدمه من الروايات أو الأوجه أو الاحتمالات هو الراجح عنده.
قال الشيخ المرداوي رحمه الله: (وتارة يطلق الخلاف بقوله: "مثلا جاز أو لم يجز أو صح أو لم يصح في إحدى الروايتين أو الروايات أو الوجهين أو الوجوه أو بقوله: "ذلك على إحدى الروايتين أو الوجهين والخلاف في هذا أيضا مطلق لكن فيه إشارة ما إلى ترجيح الأول.

وقد قيل: إن المصنف قال إذا قلت: ذلك فهو الصحيح وهو ظاهر مصطلح الحارثي في شرحه وفيه نظر فإن في كتابه مسائل كثيرة يطلق فيها الخلاف بهذه العبارة وليست المذهب ولا عزاها أحد إلى اختياره كما يمر بك ذلك إن شاء الله تعالى ففي صحته عنه بعد) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير ١/ ٦.

<<  <   >  >>