للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو الإجماع أو القياس، أو تعليلاً أو غير ذلك، وكتب الحنابلة -خاصة شروح البهوتي- مشحونة بالأدلة لا يتعنى من أراد دليلاً للمسألة أو تعليلاً، لكن قد يتعب الطالب في الحصول على وجه الدلالة، ومن أفضل كتب الحنابلة ذكراً لأدلة المسائل، منار السبيل لابن ضويان، والممتع شرح المقنع للشيخ التنوخي، فإنه لا يكاد يذكر مسألة من مسائل المقنع إلا أعقبها بذكر دليل لها أو تعليل، ومن أعظم الكتب التي اعتنت بأدلة المذهب شرح شيخ الإسلام ابن تيمية لعمدة الفقه لابن قدامة، وقد أبدع الشيخ في شرح المسائل والاستدلال لها والاستطراد فيها حتى يطول به المقام مع ذكر الطرق والزيادات في الحديث الواحد والكلام عليها، والتوفيق بينها، والانتصار للمذهب، وقد صار شرحه مثقلاً بالأدلة والآثار من مصادر موجودة ومفقودة.

[ومن الأمثلة على أدلة لمسائل فقهية ما يلي]

المثال الأول: الأصل أن زوال العقل، أو تغطيته - كالنوم- ينقض الوضوء؛ إلا أنه يستثنى من ذلك ما لو كان النوم يسيرا من جالس أو قائم فلا ينتقض الوضوء فيهما.

والدليل على النقض بالنوم: حديث علي - رضي الله عنه - مرفوعا: (العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ) (١).

ودليل استثناء النوم اليسير من الجالس: حديث أنس رضي الله عنه: (كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة، حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون) (٢).

ودليل استثناء النوم اليسير من القائم: قول ابن عباس في قصة تهجده - صلى الله عليه وسلم - (فجعلت إذا غفيت يأخذ بشحمة أذني) (٣).

المثال الثاني: يسن على المذهب أن يبتدئ رفع يديه مع التكبير، وينهي


(١) رواه الإمام أحمد ١/ ١١١، وأبو داود ح ٢٠٣، وابن ماجه ح ٤٧٧
(٢) رواه مسلم في الحيض ح ٣٧٦، وأبو داود ح ٢٠٠
(٣) رواه مسلم ح ٧٦٣

<<  <   >  >>