للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: في آداب العالم والمتعلم]

سئل الشيخ عبدالرحمن بن سعدي -رحمه الله تعالى- مالآداب التي ينبغي للعالم والمتعلم التخلق بها؟

الجواب: أصل الأدب لكل منهما، الإخلاص لله تعالى، وطلب مرضاته، وقصد إحياء الدين، والاقتداء بسيد المرسلين، فيقصد وجه الله تعالى من تعلمه وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، وفي مطالعته ومدارسته ومراجعته، وأن يزيل عن نفسه وغيره موتَ الجهل وظلمتَه، وينير قلبه ويحييه بالعلم النافع، فإن العلم نور يستضاء به في الظلمات، وحِنْدِس (١) الجهالات.

فكلما ازداد علماً ازداد نوراً بمعرفة الحق من الباطل، والهدى من الضلال، والحلال من الحرام، والصحيح من الفاسد، وعرف مراتب الأشياء وطرق الخير من الشر.

فالعلم عبادة تجمع عدة قربات: التقرب إلى الله بالاشتغال به، فإن أكثر الأئمة نصوا على تفضيله على أمهات العبادات، وذلك في أوقاتهم الزاهرة بالعلم، فكيف بهذه الأوقات التي تلاشى فيها أو كاد أن يضمحل، والاستكثار من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة، ونفعُهُ واصلٌ لصاحبه ومتعدٍ إلى غيرِه، ونافعٌ لصاحبه حياً وميتاً.

وإذا انقطعت الأعمال بالموت، وطويت صحيفة العبد، فأهل العلم حسناتهم تتزايد كلما انْتُفِع بإرشادهم، واهْتُدِيَ بأقوالهم وأفعالهم، فحقيق بالعاقل الموفق أن ينفق فيه نفائس أوقاته، وجواهر عمره، وأن يعده ليوم فقره وفَاقَتِهِ.


(١) أي: ظلمة.

<<  <   >  >>