للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينبغي للمعلم: أن يصبر على التعليم، ويبذل جهده في تفهيم كل طالب ما يتحمله ذهنه، ولا يشغله بكثرة القراءات، أو بما لا يتحمله ذهنه، وأن ينشطه على الدوام، ويكثر من سؤاله وامتحانه، ويمرنه على المباحثة وتصوير المسائل، وبيان حكمتها ومآخذها، ومن أيِّ الأصولِ الشرعية أخذت، فإن معرفة الأصول والضوابط، واعتبارها بالمسائل والصور، من أنفع طرق التعليم، وكلما ذاق طالب العلم لذة فهمه، وحسن مأخذه، ازدادت رغبته، وقوي فهمه.

وكذلك ينبغي له أن يوقظ فهمه بكثرة البحث، والسؤال والجواب، ويُرِيَهُ السرور إذا أورد عليه سؤالاً أو إشكالاً، أو عارضه بما قاله، فإن القصد النفع، والوصول للحق، لا الانتصار للقول الذي يقوله، والمذهب الذي يصير إليه بل إذا أرشده مَنْ دونه إلى خلل بما قاله، شكره عليه، وبحث معه بحثاً يقصد منه الوصولَ إلى الحقيقة، لا نَصْرَ ما هو عليه من الطريقة.

ورجوعُ المعلم إلى فهم المتعلم، حيث يكون أقرب إلى الصواب، أدلُّ شيء على فضيلته، وعُلُوِّ مرتبته، وحسن خلقه وإخلاصه لله تعالى، وإذا لم يصل إلى هذه الحال، فَلْيُعَوِّدْ نفسه ذلك، وليتمرن عليه، فإن الْمُزَاوَلاتِ تُعْطِي الملَكات، والتمرينات ترقي صاحبها لدَرَجِ الكمالات.

وينبغي للمتعلم: أن يحسن الأدب مع معلمه، ويحمد الله تعالى إذ يسر له من يعلمه من جهله، ويُحْييه من موته، ويوقظه من سِنَتِهِ، وينتهز الفرصة كل وقت في الأخذ عنه، ويكثر من الدعاء له حاضراً وغائباً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به، فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه) (١).

وأي معروف أعظم من معروف العلم؟ وكل معروف ينقطع إلا معروف


(١) أخرجه أبو داود حديث رقم " ٥١٠٩ "، والنسائي في الزكاة باب " ٧٢ ": من سأل بالله عز وجل " ٥/ ٦١ " وأحمد " ٢/ ٦٨، ٩٩ " والبيهقي " ٤/ ١٩٩"، والحاكم في " المستدرك " ١/ ١٠٣ " وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ..

<<  <   >  >>