للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والنصح والإرشاد، فكل مسألة اسْتُفِيدَت عن الإنسان فما فوقها، حصل بها نفع لمتعلمها وغيره فإنه معروف، وحسنات تجري لصاحبها.

وقد أخبرني صاحب لي كان قد أفْتى في مسألة في الفرائض، وكان شيخه قد توفي لأنه رآه في المنام يقرأ في قبره، فقال: المسألة الفلانية التي أفتيتَ فيها، وصلني أجرها، وهذا أمر معروف في الشرع (من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) (١) وينبغي أيضاً للمتعلم: أن يلطف بالسؤال، ويرفق بمعلمه، ولا يسأله في حالة ضجر أو ملل أو غضب، لئلا يتصور خلاف الحق مع تشوش الذهن، وأقل الحالات أن يقع الجواب ناقصاً.

وإذا رآه مخطئاً في شيء، فلا يصرح بالخطأ، بل ينبه بصورة متعلم وسائل، فإنه لا يزال كذلك حتى يتضح له الصواب، لأن كثيراً من الناس إذا صرحت له بخطئه، بَعُدَ رجوعُهُ، وصعب عليه الأمر، إلا من ملك نفسه، وخلَّقَهَا بالأخلاق الجميلة، فإنه لا يبالي إذا رُدَّ عليه قوله، وصُرِّح له بالخطأ، وهذه الحال من أندر الأحوال، وليس بين العبد وبينها إلا توفيق الله، والاجتهاد في رياضة النفس.

وكذلك ينبغي للمتعلم إذا دخل في فن من فنون العلم، أن ينظر إلى كل باب من أبواب العلم، فيحفظ منه الأشياء المهمة، وبحوثه النافعة، فيحققها ويتصورها كما ينبغي، ويحرص على مآخذها وما هي مبنية عليه، فإنه لا يزال على هذه الحال حتى يحصل له خير كثير، وعلم غزير، (ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) البقرة ٢٦٩، ونسأل الله التوفيق والهداية دائماً، فإنه قريب مجيب، وصلى الله على محمد وسلم (٢).


(١) رواه الإمام مسلم في " صحيحه " (٢/ ٧٠٧، ٧٠٥) من حديث جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه.
(٢) انظر: الفتاوى السعدية ص ١١٢.

<<  <   >  >>