للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمبهم لا يخلو:

إما أن يكون في الكلمة غموض، لا يتبين معناها من لفظها، فتحتاج إلى بيان المراد منها.

وإما أن لا يكون فيها غموض، بل تكون واضحة وتحتمل أكثر من معنى، ولا يوجد ما يحدد المقصود المراد من هذه المعاني.

والإبهام عند فقهاء الحنابلة: إما أن يكون في الحكم، وإما أن يكون في اللفظ.

والمراد بالمبهم في الحكم: أن يذكر العالمُ مسألةً دون أن يُبَيِّن حكمها من حيث الحكم التكليفي حرمة وكراهة، ووجوباً واستحباباً، وإباحة، أو من حيث الحكم الوضعي صحة وفساداً، وضماناً وغير ذلك.

وبعبارة أدق: أن يأتي العالم بلفظ يحتمل أكثر من حكم، مثل أن يقول: ولا يفعل كذا - وهذه تحتمل الحرمة والكراهة- أو: وأن يفعل كذا- وهذه تحتمل الوجوب أو الندب-.

وقد ذكر بعض الفضلاء: أن العلماء إذا ذكروا الفعل المجرد- أي: إذا قال العالم: ويفعل كذا - فإنه ظاهر في الوجوب؛ فإذا لم نر له بيانا من العلماء شراحا كانوا أو محشين، فهو للوجوب، وفي هذا نظر ظاهر لعدة أمور:

١. أنه لو كان الأمر كذلك لَمْ يتكلفْ العلماءُ بذكر حكم الوجوب في مواطن كثيرة (١)، ولاقتصروا فقط على بيان الاستحباب، ولَتَركوا ما عداه على ما يظهر من الفعل وهو: الوجوب، والحال أنهم يبينون الإبهام بالوجوب إن كان حكمه كذلك.

٢. أن الشيخ المرداوي مصحح المذهب ومنقحه لم يجعل الفعل المجرد ظاهرا في الوجوب في الإنصاف، بل جعله محتملا للوجوب وغيره،


(١) وأستثني من ذلك ذكرهم لشروط الصلاة وأركانه وواجباتها، وكذا أركان الحج وواجباته؛ لأنه قد يقال: إنما ذكروا الواجبات مع الشروط والأركان لبيان ما يترتب على ترك كل.

<<  <   >  >>