وربما سُئِلَ المسألةَ الظاهرةَ التي يبادر بجوابها بعضُ غلمانه، فيتوقف فيها حتى يتيقن، وكان كثيرَ الصوم والصمت.
فانتفعت برؤيةِ هذينِ الرجلينِ أكثرَ من انتفاعي بغيرهما.
ففهمت من هذه الحالة: أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول.
ورأيتُ مشايخَ كانت لهم خلواتٌ في انبساطٍ ومُزاحٍ، فراحوا عن القلوب، وبدد تفريطُهم ما جمعوا من العلم، فقلَّ الانتفاعُ بهم في حياتِهم، ونُسُوا بعد مماتهم، فلا يكاد أحدٌ أن يلتفت إلى مصنفاتهم.
فالله الله في العمل بالعلم فإنه الأصل الأكبر.
والمسكينُ كلُّ المسكينِ مَنْ ضاعَ عمُرُه في علمٍ لم يعمل به، ففاتته لذاتُ الدنيا، وخيراتُ الآخرة، فَقَدِم مُفلِساً مع قوةِ الحجةِ عليه) (١).