للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمدة الفقه، وليس ذلك في بداياته فحسب بل حتى آخر عمره وهو يعظم الإمام ويرفع من شأنه.

ومما يدل على اعتبار منزلة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عند الحنابلة ما يلي:

أنه لما نقل الإمام علي بن سليمان المرداوي منقح المذهب ومحرره - رحمه الله تعالى - في كتابه (التحبير شرح التحرير) كلام الإمام النووي الشافعي - رحمه الله تعالى - في شرح المهذب، وهو: (فُقِدَ الآن المجتهدُ المطلقُ، ومن دهر طويل) ... وقال الرافعي (لأن الناس اليوم كالمجمعين أن لا مجتهد اليوم) قال المرداوي: قال ابن مفلح: لما نقل كلامهما: وفيه نظر. انتهى، وهو كما قال، فإنه وجد من المجتهدين بعد ذلك جماعة، منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله) (١).

وقد نقل ذلك الشيخ ابن النجار - رحمه الله تعالى - عن الشيخ المرداوي في كتابه (شرح الكوكب المنير) (٢).

وقد أكثر الشيخ ابن مفلح عن شيخه شيخ الإسلام في كتاب الفروع بقوله: (شيخنا)، ومثله الشيخ المرداوي أكثر النقل عنه في كتابه الإنصاف، وتصحيح الفروع، وكذلك الشيخ الحجاوي قد أكثر النقل عنه في كتابه "الإقناع" بقوله: (قال: الشيخ)، وهذا ظاهر لكل من قرأ كتابه، ونقل عنه أيضا الشيخ مرعي الكرمي في كتابه "غاية المنتهى"، وكذلك الشيخ ابن النجار قد نقل عنه في المنتهى من غير أن ينسبه له في مسائل صارت هي المذهب، وهي أقوال لشيخ الإسلام، وإذا كان هؤلاء الذين هم أهل التصحيح في المذهب وهم: ابن مفلح، والمرداوي، والحجاوي، وابن النجار، ومرعي الكرمي - رحمهم الله تعالى أجمعين- قد نقلوا عن شيخ الإسلام، فأين مَنْ دونهم منهم؟ ، وكيف يزعم بعض من في قلبه شيء على شيخ الإسلام أنه لا مكانة للشيخ في المذهب، كيف يقال ذلك؟ ! حتى مَنْ خالفه في الاعتقاد من الحنابلة، لم يزالوا له معظمين، وبعلمه معترفين مقرين.


(١) ٨/ ٤٠٦٩.
(٢) ٤/ ٥٧٠.

<<  <   >  >>