وهو مع الإجماع معصوم بدليل ما ذكرنا، ونزيد فتقول: الإجماع حجة يلزم بها الأحكام وقد يعصم الإنسان فيما يلزم به الحكم، (وإن لم يعصم) في غيره، ألا ترى أن الأنبياء عليهم السلام معصومون فيما يخبرون به من الشرع، وإن جاز عليهم الخطأ في غير ذلك، (وقد) دلت الدلالة على ذلك بقوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} وقوله: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} أي علم، وقوله:{وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} وقوله سبحانه {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} وغير ذلك.
احتج: بأن كونهم من جملة المجمعين يقتضي مدحهم، وكونهم فساقاً يقتضي ذمهم، والمدح والذم لا يجتمعان في حالة واحدة.
الجواب: أن هذا ممتنع، (لأن الفاسق الملي) مؤمن بإيمانه وهي صفة مدح، وفاسق بكبيرته وهي صفة ذم، فكذا هاهنا (وهو ممدوح لأنه من جملة المؤمنين وأهل الاجتهاد ومذموم بارتكاب كبيرة) وذلك لا يقدح في الإجماع، لأن الكبيرة مما ينفرد بها، وكونه مع الإجماع وهو معصوم فيه على (ما مضى) والله أعلم.