شيخًا آخر عن ذلك فقال لي: ما رأت عيني ولا سمعت أذني من يقول: (أنا الله) غير الله، فلم أجد من أنفي، فأقول كما سمعته يقول: الله، الله).
هكذا تمادى المتصوفة في تجاوزاتهم وغلوهم فأباحوا للشيوخ أن يشرعوا لأنفسهم ولأتباعهم ذكراً غريباً لم يعرفه الجيل الأول من الصحابة والتابعين ومن تبعهم على السنة، بل ولا عرفه نبي الأمة صلى الله عليه وسلم؛ ألا وهو الذكر باللفظ المفرد مظهرًا كقولهم: الله، الله، الله، أو حي، حي، حي، أو مضمرًا كقولهم: هو، هو، هو، أو ها، ها، ها.
وبدعية هذا النوع من الأذكار أمر واضح لا يحتاج إلى كثير بيان، بل هو ذريعة إلى ضلالات لا يعلم مداها إلا الله، حتى قال شيخ الإسلام:(وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد).
والمتصوفة حاولوا الاستدلال على ذكرهم هذا بالقرآن والسنة. أما القرآن: فقد تشبثوا بقوله تعالى: (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ). فزعمو أن معنى (قل الله) اذكر الله بهذا الاسم المفرد وهو استدلال باطل كما ذكره محققو الإسلام. وأما السنة: فحاولوا الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم