[الفصل الثاني مقارنة الشرك بين القديم والحديث من حيث توافق الأسباب]
لقد بينا فيما سبق الأسباب التي أوقعت الأمم السابقة في الشرك بأن هناك سببين رئيسين لوقوعهم في الشرك، هما:
الأول: الغلو في المخلوقات.
الثاني: إساءة الظن الناتج عن عدم قدر الله حق قدره.
وإذا نظرنا إلى أسباب الشرك في هذه الأمة وفي العصر الحاضر نجد أن هذين السببين هما أوقعا الناس في الشرك.
فمثلاً: الشرك بالله في الربوبية بتعطيل المصنوع عن صانعه، ما أوقع الناس في هذا النوع من الشرك إلا سوء ظنهم بالله والذي نتج عن عدم قدر الله حق قدره، فالمعطل والدهري والملحد ما استطاع أن يقدر الله حق قدره فأساء الظن به، حيث ظن أن المخلوقات لا صانع لها، وأنه ليس هناك قوة فوقه تسيطر عليه من فوقه، وسوف يحاسبه على هذا الاعتقاد، فلم يدرك حقيقة ذاته ولا أسمائه وصفاته وأفعاله وحكمته، فأساء الظن به، ولم يقدر الصانع قدره الواجب له.
ومن جانب آخر: نرى أنه غلا في بعض المخلوقات سواء كان عقله، أو من يقدسه من الملحدين، أو كان مذهبًا من المذاهب الفكرية، أو رأياً من أراء الرجال، أو كان هوى من الأهواء الجانحة، فألحد بسبب الغلو في هذه الأشياء المخلوقات، ولم يفتح عينه وبصره ولم ينفد بصيرته إلى أنه لابد لكل ظاهرة في