وقال عمرو بن عبسة:(كنت امرأً ممن يعبد الحجارة، فينزل الحي ليس معهم إله، فيخرج الرجل منهم، فيأتي بأربعة أحجار، فينصب ثلاثة لقدره، ويجعل أحسنها إلهًا يعبده، ثم لعله يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه ويأخذ غيره).
فهذا مثال دل على سذاجة اعتقاداتتهم تجاه هذه المعبودات، من ضمن أمثلة عديدة.
ثانياً: وهن العقيدة:
كما سبق أن بينا أن اعتقادهم تجاه هذه المعبودات كان متصفًا بالبساطة والسذاجة، هكذا يمكن اتصافه بوهن الأساس وضعف البنيان؛ لأنه يصدر عن عاطفة عديمة الثبات، وقلما يتغلغل في الأعماق أو يرسخ في الأذهان، بل تراه عاطفة متقلبة تحركها الأهواء السانحة وتسيرها المصالح وتقتضيها الضرورة والحاجة، فليس ثمة عند الجاهلي رسوخ في العقيدة، ولا خلوص في النية، ولا تفكر بما وراء المظهر والمادة.
وهو في عقيدته تلك إنما يصدر عن تمسك بالعادة وعن جري في التقليد، واقتفاء بأثر من سبقه إليه، فهو لا يتورع عن سب آلهته وشتمها وضربها، وهذا ما فعله امرؤ القيس مع صنمه، كما لا يتورع أيضًا عن أكلها ـ كما في حادثة بني حنيفة ـ خصوصًا إذا ما كانت هذه الأصنام مصنوعة من التمر والزبيب وقد أضر الجوع بعابدها، كما وإنه لا يحجم أبدًا عن سرقتها، وأخذ اللبن المخصص