[المبحث التاسع في بيان الشرك في قوم موسى عليه السلام]
موسى عليه السلام وقومه:
يأتي بعد ذلك في التسلسل التاريخي الذي قصه الله علينا ورسوله: قصة موسى وفرعون، وقد سبق أن تحدثنا عن قصة يوسف عليه السلام؛ كيف مكن الله له في أرض مصر، وأنه استقدم إليه أبويه وإخوته وسائر أهله، فأقاموا بمصر قرونًا عدة، حتى كثروا وزاد عددهم، مما حمل فرعون مصر على التخوف منهم، فسامهم سوء العذاب، فكان يستحيي نساءهم للخدمة ويذبح أبناءهم، وكان يعاملهم بمنتهى الإذلال ويستخدمهم في الأعمال الشاقة وألوان السخرة، كما قال تعالى:(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ).
وبظهور موسى عليه السلام تبدأ مرحلة جديدة وخطيرة في حياة نبي إسرائيل، كما تبدأ حلقة من حلقات النضال في سبيل الدعوة إلى الله وإلى التوحيد، بطلاها موسى وهارون عليهما السلام، وليس من غرضنا الآن أن نخوض في قصة ولادة موسى وهارون عليهما السلام، وما اشتملت عليه من مظاهر العناية الإلهية به، وكيف رباه سبحانه في بيت عدوه، ولا أن نخوض