الكون من سبب أصلي ينتهي إليه كل شيء؛ لأنه غلا في بعض مظاهر الكون فلم يصعد نظره القاصر إلى ما فوقه، بل صار هذا الغلو حجاباً مانعًا بينه وبين الحقائق الأصلية.
وأما بالنسبة لشرك الربوبية بالتعطيل بتعطيل الله عز وجل عن أسمائه وأوصافه وأفعاله؛ فإننا نرى نفس هذين السببين هما اللذين أوقعاهم في هذا النوع من الشرك.
فمثلاً: إن الذي أشرك بالله في الربوبية بتعطيل أسمائه وصفاته فهو أساء الظن برب العالمين، فعطل أسمائه وصفاته ظنًا منه أن هذه الأسماء والصفات لا تليق بالله سبحانه، وجعله أنقص من مخلوقاته، وذلك لأنه لم يقدر الله حق قدره.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:(هنا أصل عظيم يكشف سر المسألة، وهو أن أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به، فإن المسيء به الظن قد ظن به خلاف كماله المقدس، وظن به ما يناقض أسماءه وصفاته، ولهذا توعد الله سبحانه الظانين به ظن السوء بما لم يتوعد به غيرهم، كما قال تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).
وقال أيضاً:(وقال لمن أنكر صفة من صفاته: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وقال أيضاً: (ولا قدره حق قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته