لكن موالاة الكفار تقع على شعب متفاوتة وصور مختلفة، ولذا فإن الحكم فيها ليس حكمًا واحدًا، فإن من هذه الشعب والصور ما يكون شركًا، ومنها ما يكون ردة، وينقض الإيمان بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك في المعاصي، وهذه الموالاة التي تناقض التوحيد قد تكون اعتقادًا فحسب، وقد تظهر في أقوال وأعمال.
وأما الاعتقادي ـ كما سبق أن بيناه ـ: فهو ولاؤهم في الظاهر والباطن، وموافقتهم في الباطن بتوليهم دون الظاهر، فهذا يسمى نفاقاً، وهو أيضًا شرك اعتقادي، فإنه أشرك في محبة الله غير الله، ولا يتأتى ممن يفعل مثل هذا الولاء إلا بعد أن يشرك بالله في محبته غيره، أو محبة شرعة غير شرع الله.
وأما من كان ولاؤهم لهم في الظاهر فقط فهو على نوعين:
الأول: أن تكون الموافقة والولاء في الظاهر بسبب الإكراه (الملجيء) فهذه الحالة لا تدخل في الموالاة ما دامت الموافقة والموالاة باللسان، والقلب مطمئن بالإيمان، لقوله تعالى:(إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ).
الثاني: أن يكون الولاء والموافقة في ظاهره مع مخالفتهم في الباطن لغرض دنيوي، كحب رئاسة وطمع في جاه ومنزلة ونحو ذلك، فاختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إنه من المعاصي، ومنهم من قال: إنه يدخل تحت شرك الإرادة والنية والقصد ـ وسيأتي بيانه فيما بعد ـ وهو الصحيح لظاهر قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا