إحداها بهذه المثابة والصفة التي سبق ذكرها فإنه يكون قد عبد هذا الشيء، فالأصنام كانت في السابق تظهر بصورة مادية محسة، يتخذونها من خشب أو ذهب أو فضة على صورة إنسان، وقد تتخذ من حجر فتسمى وثنًا، ولكنها قد تظهر في العصور المتأخرة ـ زيادة على ما سبق ـ بصور أخرى ومظاهر جديدة؛ قد تكون مذهبًا من المذاهب الفكرية الجاهلية كالديموقراطية، أو الوطنية، أو القومية ... وقد تكون مذهبًا اقتصاديًا كالرأسمالية والاشتراكية ... وقد تكون أهواء وشهوات يخضع لها الناس، فلا يهوون شيئًا إلا عبدوه، قال تعالى:(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)، وقال:(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا)، وقال:(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ).
وقد تكون الأصنام مجموعة من القيم الاجتماعية أو القيم المادية التي تسيطر على الناس فيخضعون لها، ويتحركون بحركتها، فتكون لهم دينًا ومذهبًا. إذ كل هذه الأشياء منشؤها الحب لغير الله، والحب هو أصل العبادة في الحقيقة.
يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:(وجماع القرآن هو الأمر بتلك المحبة ولوازمها، والنهي عن هذه المحبات ولوازمها، وضرب الأمثال والمقاييس للنوعين، وذكر قصص أهل النوعين).