كأن يوكل إنسانًا عنه قضاء بعض مصالحه الدينية والدنيوية: كالوكالة في الحج، أو البيع والشراء، فهذا جائز.
القسم الثالث: التوكل التوحيدي:
وهو التوكل الواجب، وهو الذي يكون باعتماد القلب على الله، وتفويض الأمور لله جل شأنه، وضده التوكل الشركي.
فعلمنا بذلك أن التوكل على الله في دفع المضار وتحصيل الأرزاق وما لا يقدر عليه إلا هو من أعظم أنواع العبادة، والتوكل على غيره في ذلك شرك أكبر، قال الله تعالى:(وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، فأمر سبحانه بالتوكل عليه وحده، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، وجعل التوكل عليه شرطًا في الإيمان، كما جعله شرطًا في الإسلام في قوله تعالى:(وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ)، فدل على انتفاء الإيمان والإسلام عمن لم يتوكل على الله أو توكل على غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو من أصحاب القبور والأضرحة وسائر الأوثان.
فالتوكل على الله فريضة يجب إخلاصها لله، وهو أجمع أنواع العبادة وأعلى مقامات التوحيد وأعظمها وأجلها، لما ينشأ عنه من الأعمال الصالحة؛ فإنه إذا اعتمد على الله في جميع أموره الدينية والدنيوية دون كل ما سواه صح إخلاصه ومعاملته مع الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: وما رجا أحد مخلوقاً ولا توكل عليه إلا خاب ظنه فيه ... .