في المسألة، حيث ذكر أن طاعة المحلين للحرام والمحرمين للحلال يكون شركًا أكبر إذا كان هو عالمًا بأن هؤلاء قد غيروا شرع الله ثم اتبعه. وأما من كان اعتقاده وإيمانه بالتحريم والتحليل ثابتًا، ولكن مع هذا تبعهم في ذلك فهذا حكمه حكم المعاصي، وأما إذا كان اتباعه لهؤلاء المشرعين والمحلين والمحرمين لمجرد الهوى فإنه حينئذ يكون مرتكبًا الشرك الأصغر، ولهذا قال بعد هذا:( ... وأما إن قلد شخصاً دون نظيره بمجرد هواه، ونصره بيده ولسانه من غير علم أنه الحق، فهذا من أهل الجاهلية، وإن كان متبوعه مصيباً، لم يكن عمله صالحاً. وإن كان متبوعه مخطئًا، كان آثمًا. كمن قال في القرآن برأيه؛ فإن أصاب فقد أخطأ، وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار. وهؤلاء من جنس مانع الزكاة الذي تقدم فيه الوعيد، ومن جنس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، فإن ذلك لما أحب المال حبًا منعه من عبادة الله وطاعته، صار عبدًا له. وكذلك هؤلاء؛ فيكون فيه شرك أصغر، ولهم من الوعيد بحسب ذلك).
وقال ـ رحمه الله ـ ملزمًا كل من علم حكم الله، التمسك به وإن أوذي في ذلك ـ:(ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذى ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقاً لعذاب الله، بل عليه أن يصبر، وإن أوذي في الله فهذه سنة الله، في الأنبياء وأتباعهم).
وقال في موضع آخر:(ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله، واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله؛ كان مرتدًا كافرًا، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (المص (١) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا