من أجلها، فليس له من الدنيا إلا ما قدر له، وهو في الآخرة من أهل النار، وما كان من الأعمال الحسنة التي أراد بها تحصيل الدنيا باطلة لا قيمة لها؛ لأنه كما قال صلى الله عليه وسلم:((إنما الأعمال بالنيات))، فلما كانت أعماله كلها للدنيا لم تنفعه في الآخرة، إذ كل عمل لا يكون لله لا خير فيه ألبتة، ولذا فإن المؤمن دومًا يلحظ في أعماله ابتغاء رضا ربه وثوابه وجنته والنجاة من النار. قال تعالى:(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).
فهذا الشرك في مقابل الإخلاص، فمن لا يكون مخلصاً يكون مشركًا، وهذا الشرك يكون من وجهين:
١ - أن يراد بعمله غير وجه الله.
وذلك بأن يعمل العمل لا يريد به وجه الله، بل يريد به غيره من صنم أو وثن أو قبر أو ميت أو قائد أو راية ونحو ذلك. وهو أعظم أنواع الشرك.
٢ - نوى شيئًا غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه.
يقول الإمام ابن القيم: (وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقلّ من ينجو منه، فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئًا غير التقرب إليه، وطلب الجزاء منه، فقد أشرك في نيته وإرادته، والإخلاص: أن يخلص لله في أفعاله وأقواله، وإرادته ونيته، وهذه هي الحنفية ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام، كما قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ